Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 78-81)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللعن : الحرمان من لطف الله وعنايته . يتولون الذين كفروا : يوالونهم . يأتي هذا التقرير في موقف النبي داود وعيسى عليهما السلام من اليهود على مدى التاريخ ، وكلاهما لعن كفار بني إسرائيل لعصيانهم وعدوانهم . وقد استجاب الله له جزاء سكوتهم عن المنكر يفشو فيما بينهم . لعن الله الذين كفروا من بني اسرائيل في الزبور والانجيل ، من جرّاء تماديهم في العصيان وتمرّدهم على الأنبياء ، وهذا معنى { بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } . ثم بيّن أسبابَ استمرارهم في العصيان فقال : { كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } فدأبُهم ألا يتناصحوا ، فلا ينهى احد منهم احداً عن منكَر يقترفه مهما قُبح . وفي الآية تلميح إلى فشوّ المنكَرات فيهم ، وانحلال مجتمعهم لما فيه من فسق وفجور , . وهذا داء قديم فيهم ، لا يزال مستمرا حتى الآن ، فَ { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } من اقتراف المنكرات ، والسكوت عليها . هذا ما يحدثنا به اخواننا من الشعب الفلسطيني عن مجتمع اليهود . إنه موبوء فاجر . روى أبو داود والترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أولَ ما دخل النقصُ على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا ، اتقِ الله ودعْ ما تصنع ، فإنه لا يحِلّ لك . ثم يلقاه من الغد وهو على حاله ، فلا يمنعه ذلك ان يكون أكيله وشريبه وقَعيده . فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوبَ بعضهم ببعض " . ثم قال { لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } إلى قوله { فَاسِقُونَ … } الآيات . ثم قال صلى الله عليه وسلم : " كَلاّ واللهِ لتأمُرنّ بالمعروف ، ولتنهَوُن عن المنكر ، ثم لتأخذُن على يد الظالم ولتأطِرُنَّه على الحق ، أو لتقسُرُنّه على الحق قسراً ، أو ليضربنّ اللهُ قلوب بعضكم ببعض ، ثم يلعنكم كما لعنهم " . تأطِرنّه : تردُّونه ، والقسر : القهر . والأحاديث في ذلك كثيرة وصحيحة . وأظن كثيراً من أحوالنا تسير الى السوء ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معطّل . نسأله تعالى ان يردنا الى ديننا . { تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } هذا هو من الأمور التي كانت تقع منهم ، فقد كان اليهود يتحالفون مع مشركي قريش والعربِ ضدّ النبي والاسلام . وقد ذهبَ كعبُ بن الأشرف مع جماعة منهم الى مكة يحرّض كفّار قريش على قتال الرسول الكريم ، كما حالف بنو قريظة المشركين في وقعة الخندق . وحوادثهم كثيرة . { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } إن هذه الشرور عمل ادّخرته لهم أنفسُهم الشريرة حتى غضب الله عليهم ، وسيخلَّدون في جهنم وبئس المصير . { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ } . ولو كان أولئك اليهود الذين يتولَّون الكافرين من مشركي العرب ، يؤمنون بالله والنبي ، وما أُنزل اليك من القرآن ، لما اتخذوا عبدة الأوثان أنصاراً ، { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } متمردون في النفاق ، خارجون عن حظيرة الدين ، لا يريدون الا الجاه والرياسة .