Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 47-60)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والسماءَ بنيناها بأيدٍ : بنيناها بقوة . وإنا لموسِعون : يعني ان هذا الكون فيه أمور تذهل لما يتسع فيه من المجرّات والاجرام السماوية التي تتمدد وتتسع دائما . والأرضَ فرشناها : مهّدناها كالفراش ليعيش الناس عليها . فنِعم الماهدون : فنعم المهيّئون لها نحن . ومن كل شيء خلقنا زوجين : ذكراً وانثى . ففِروا الى الله : التَجِئوا اليه ، واعتصموا به . أتواصَوا به : هل أوصى بعضهم بعضا بهذا القول ؟ فما أنتَ بملوم : ما أنت بمسئول عن عدم استجابتهم . فان للذين ظلموا ذنوبا : نصيبا . مثلَ ذَنوبِ اصحابهم : مثل نصيب أصحابهم من الكفار من الأمم الماضية . بعد إشارات سريعة الى قصصِ بعضِ الأنبياء الكرام ، وذِكر شيءٍ من أفعال أقوامهم - يأتي ذِكرُ قدرة الله تعالى على خلْق هذا الكون ببناءِ السماء بهذا الإحكام المنفرد ، وبأن التوسِعةَ مستمرةٌ على الزمن ، وأن في الكون أجراماً من السُدُم والمجرّات تتمدَّد وتتوسّع دائما الى ما شاء الله … وهذه ابحاثٌ في عِلم الفلك مذهلةٌ لمن شاءَ ان يطّلع عليها ، فانه سيجدُ العَجَبَ العُجاب … وان الله تعالى فرشَ لنا هذه الأرضَ ومدّها لنا لنعيشَ عليها بأمانٍ وسلام ، وخلَق من كل شيء ذكراً وأنثى لاستمرار الحياة وبقائها الى أن يشاءَ خالقُها . ولذلك ينصحنا الله تعالى أن نلجأ اليه ، ونسارعَ إلى طاعته ، كما نصَح من أرسَل رسله اليهم من المشركين . كذلك شأن الأمم مع رسلهم ، ما جاء رسولٌ إلى قومه إلا قالوا عنه ساحر أو مجنون . { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } أأوصى بعضُهم بعضاً بهذا القول ؟ بل هم قوم طاغون تجاوزوا كلَّ حدٍّ في طعنِهم على الرسُل والأنبياء . ثم خاطب الرسولَ الكريم مسلّياً له بقوله : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أَعرِض عن هؤلاء المعانِدين المنكِرين يا محمد ، فما أنتَ بملومٍ على عدَم استجابتهم ولا بمسئول ، وداوِم على التذكير فإن الذِكرى تنفع مَن في قلوبهم استعدادٌ للهداية من المؤمنين . ثم بين بعد ذلك كلّه ما هو المرادُ من خلْق الجِنّ والإنس فقال : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } لا أريدُ منهم رِزقاً لأني غنيٌّ عن العالمين ، ولا أريدُ ان يطعموني لاني أطعِم ولا أطعَم . ان الله وحدَه هو المتكفّل برزقِ هذا الخلق { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } . ثم بيّن ان للذين ظلموا أنفسَهم بالكفر نصيباً من العذاب مثلَ نصيبِ أصحابهم من الأمم الماضية ، فلا يستعجلني قومُك أيها الرسول بإنزالِ العذاب قبل أوانه . { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } ختم السورة الكريمة بهذا الانذار الشديد الذي سينالهم يوم القيامة .