Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 46-78)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذواتا : تثنية ذات . أفنان : جمع فَنَن وهو الغصن . زوجان : صنفان من جميع الانواع . بطائنُها : بطاناتها يعني أنها مبطنة بالحرير وهو الاستبرق . وجنَى الجنتين : ثمرُ الجنتين . دانٍ : قريب في متناول اليد . قاصرات الطرف : نساء عفيفات لا ينظرن الا الى ازواجهن . لم يطمثهن : لم يمسَسْهن أحد … كأنهن الياقوت في الصفاء والمرجان في الجمال والبهاء . مدهامتان : خضراوان ، الدهمة السواد ، والعرب تقول لكل أخضرٍ هو اسود . ومنه سواد العراق لكثرة نخيله . نضّاختان : فوارتان بالماء . حُور : واحدتهن حوراء : بيضاء . خيرات : بسكون الياء يعني خيّرات بتشديدها . مقصورات في الخيام : مخدَّرات ، ملازمات بيوتهن . رفرف : واحدهُ رفرفة : وهي الوسادة ، المخدة . عبقري حسان : معناه النادر الموشى من البسُط والفرش ، والعرب تُسنِد كلَّ عملٍ عجيب الى عبقر . بعد ان بيّن مقام المجرمين ، وما يشاهدونه من أهوال ، وما ينالهم من عذاب ، وذكَر ان مقامهم النار وبئس القرار - ذكر هنا مقام المؤمنين الذين يخافون ربهم ، ويطيعونه فيما أمرهم ، وفصّل تفصيلا جميلاً في ذلك النعيم الرباني ، جزاءً من العليّ الكريم . ولمن خافَ مقام ربه ، وأطاعه وأخلص في إيمانه وعبادته جنتان . ومعنى هذا ان في الجنة مقاماتٍ ومنازلَ للمؤمنين حسب ما قدّموه من اعمال صالحة ، لأنه سيأتي ايضا قوله تعالى : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } فهناك ايضاً جنّتان أُخريان . وهاتان الجنتان ذواتا أفنان ، أي ان فيهما أغصاناً نضرة حسنةً من جميع الشجر وألوان الثمار المتنوعة . وفي هاتين الجنتين داخل الجنة عَيْنان تجريان بالماء الصافي العذْب . أما الجنة الكبرى فان فيها انهاراً متعدّدة كما ورد في عدة آيات . فكيف تكذّبون بهذه النعم الجليلة التي لا تُحصَى أيها الجاحدون ! ؟ . هذا ويجلس أهل الجنتين متكئين على انواع من فُرش الحرير ، وفي متناول أيديهم ثمارُ الجنتين يقطفون منها متى شاؤا ما يلذّ لهم وما يطيب . وعندهم ما يشاؤون من الحُور العفيفات اللاتي لا ينظُرن الى أحدٍ سوى أزواجهن ، كأنهن في الحسن والجمال الياقوتُ والمرجان ، عذارى لم يمسَسهنّ أحد قبل ازواجهن . ذلك كله جزاء من خافَ مقام ربه ، وعَبدَه وأخلص في عبادته ، وسعى في إعمار الدنيا وأعطى من ماله وجاهه وبذل ما يستطيع . { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } . ثم هناك داخل الجنة جنتان أخريان . وهما كما يقول تعالى : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } لفريق آخر من المؤمنين العاملين المخلصين . وهما { مُدْهَآمَّتَانِ } خضراوان لونهما يميلُ الى السواد من شدّة الخضرة . وفي هاتين الجنتين عينان من الماء العذب تفوران بالماء لا تنقطعان ، كما أن { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وأنواع منوعة من افخر الفاكهة . وقد خص النخلَ والرمان لأن الله تعالى اودع فيهما كثيراً من المزايا الهامة . فثمر النخل غذاء كامل ، فيه نسبة عالية من الكالسيوم والحديد والفوسفور التي يحتاج اليها الجسم . وفيه عدد من الفيتامينات المفيدة ، وهو يحتوي ايضا على نسبة من البروتينات والدهنيات . كذلك في الرمان نسبة مرتفعة من حمض الليمونيك الذي يساعد عند احتراقه على تقليل أثر الحموضة في البول والدم ، مما يكون سببا في تجنب النِّقرِس وتكوين بعض حصى الكلى ، مع احتوائه على نسبة لا بأس بها من السكّريات السهلة الاحتراق ، والمولِّدة للطاقة . وهناك فوائد هامة في قشر ثمر الرمان ، وقشور سُوقِ اشجاره . وفي هاتين الجنتين زوجات طيّبات الأخلاق وفيّات جميلات ، من الحور العين الملازمات لمجالسهن في الخيام ، لم يقربْهن أحدٌ من الانس ولا الجان . وهؤلاء المؤمنون مع ازواجهم في غاية السعادة والسرور ، متكئين على فُرشٍ عليها وسائد وأغطية خُضْر وطنافس حسان عجيبة الصنع من صنع وادي عبقر . والعربُ تنسب كل شيء عجيب الى وادي الجن ، ويكنّون عنه بِعَبْقَرَ . فبأي نعمة من نعم ربكما تكذبان ايها الثقلان ! ؟ . قراءات : قرأ الكسائي : لم يطمُثْهن : بضم الميم ، والباقون : لم يطْمِثهن بكسر الميم . وقرأ ابن عامر : { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } برفع ذو . والباقون : ذي الجلال بالجر . ثم يأتي ختام هذه السورة الجليلة بالتنزيه والتبريك والتسبيح باسم الله الجليل الكريم الذي يبقى وجهه الكريم ويفنى كل شيء في هذا الكون . { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } .