Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 75-96)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فلا اقسم : هذا قسَم تستعمله العرب في كلامها ، ولا للتأكيد . مواقع النجوم : مَداراتها ومراكزها . مكنون : مصون . المطهَّرون : المنزّهون عن الأدناس . مدهنون : متهاونون ، مخادعون . الحُلقوم : مجرى الطعام . غير مدينين : غير محاسَبين . فروح : راحة الجسم . ريحان : راحة الروح . تصلية جحيم : ادخال النار . حق اليقين : هو بمعنى اليقين الحق ، وهو اليقين المطابق للواقع . بعد ذِكر الأدلة على الألوهية والخلْق والبعث والجزاء جاء بذِكر الأدلة على النبوة وصدق القرآن الكريم . وقد أقسم الله تعالى على هذا بما يشاهدونه من مواقع النجوم ، وإن هذا القسَم لعظيم حقا ، لأن هذا الكون وما فيه شيء كبير لا نعلم عنه الا القليل القليل . ويقول الفلكيون : ان من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين ، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة ، ومنها ما لا يرى الا بالمكبّرات ، وقد يكون اكبر من شمسنا بآلاف المرات ولكننا لبعده الشاسع لا نراه . وهي تسبح في هذا الفلك الواسع الذي لا نعلم عنه شيئا . والبحث في هذا واسع جدا ، ولذلك فان هذا القسَم عظيم حقا . { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } هو قرآن جامع لكل المحامد ، وفيه الخير والسعادة لبني الانسان اجمعين . { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } وهو مصون في اللوح المحفوظ ، لا يمسّ هذا اللوح ولا يطلع عليه غير المقربين من الملائكة . لقد فسر بعضُهم هذه الآية بأنه لا يَمَسُّ القرآن من كان مُحْدِثا ، واختلف العلماء في ذلك ، فقال جمهور العلماء لا يجوز ان يمسّ احدٌ القرآن الا اذا كان متطهّرا ، وقال عدد من العلماء بالجواز . { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ان هذا القرآن نزله الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين . وبعد ان ذكر مزاياه ، وانه من لدن عليم خبير ذكر انه لا ينبغي التهاون في أوامره ونواهيه ، ويجب التمسك به فقال : { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } . اتتهاونون بالقرآن وتُعرضون عنه ، وتمالئون من يتكلّم فيه بما لا يليق به ، وتكذّبون ما يقصه عليكم من شأن الآخرة ، وما يقرره لكم من امور العقيدة ! أتجعلون بدل الشكر على رِزقكم انكم تكذّبونه ، فتضعون الكذب مكان الشكر ! { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } . فماذا انتم فاعلون إذا بلغت روحُ أحدكم الحلقوم في حال النزاع عند الموت ، وانتم حوله تنظرون اليه ، ونحن بالواقع أقربُ اليه وأعلمُ بحاله منكم ، ولكن لا تدركون ذلك ولا تبصرون . { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فلو كان الأمر كما تقولون : إنه لا بعثٌ ولا حسابٌ ولا جزاء ، وأنكم غيرُ مدينين لا تحاسَبون ولا تجزون - هلاّ تُرجعون النفسَ التي بلغتِ الحلقومَ الى مكانها ، وتردون الموت عمن يُحتضر امامكم ! . ثم بين الله تعالى ان حال الناس بعد الوفاة ثلاثة اصناف فقال : 1 - { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ . } فأما ان كان المتوفَّى من الذين عملوا صالحاً وكان من المقربين السابقين فمآلُه راحةٌ واطمئنان لنفسه ، ورحمةٌ من الله ورزقٌ طيب في جنات النعيم . 2 - وأما إن كان من أصحاب اليمين الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم ، فيقال له تحيةً وتكريما : سلامٌ لك من إخوانك اصحابِ اليمين . 3 - واما ان كان من المكذِّبين الذين كذّبوا الرسول والقرآن الكريم ، الضالِّين سواءَ السبيل - فله مكانٌ في جهنم يُسقَى من ماءٍ شديد الحرارة ، ومآله دخول الجحيم . { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } . ان هذا الذي ذُكر في هذه السورة الكريمة لهو الحقُّ الصادق الثابت الذي لا شكَّ فيه فسبِّح أيها الرسول بذِكر اسم ربّك العظيم تنزيهاً له وشكرا على آلائه .