Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 1-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سبّح لله : نزّهه عن كل ما لا يليق به . العزيز : الذي لا ينازعه في ملكه شيء . الحكيم : الذي يفعل افعاله وَفْقَ الحكمة والصواب . الظاهر والباطن : هو الذي ظهرت دلائل وجوده وتكاثرت ، وخفيتْ عنا ذاته فلم ترها العيون ، فهو ظاهر بآثاره وافعاله ، باطن بذاته . في ستة أيام : في ستة اطوار . استوى على العرش : استولى عليه . العرش : الملك والسلطان . ذات الصدور : مكنونات النفوس وخفيات السرائر . بُدئت هذه السورة الكريمة بالتسبيح ، وكذلك بدئت بعدها أربع سور مدنية ، هي : الحشر والصف والجمعة والتغابن . وأيُّ تسبيح ! إن كل ما في الوجود يسبّح لله . وما هو هذا التسبيح ؟ . يقول علماء المادة اليوم : " ان التسبيح ها هنا لا يقتصر على كون الذرّات والأجسام الفضائية تخضع للنواميس التي وضعَها اللهُ فيها ، فهي بهذا تسبّحُ بحمد الله سبحانه ، فهناك ما هو أبعدُ من هذا وأقرب الى مفهوم التسبيح الحيّ والتقديس الواعي . ان هذه الموجودات المادية تملك أرواحاً ، وهي تمارس تسبيحَها وتقديسها بالروح ، وربما بالوعي الذي لا نستطيع استيعاب ماهيّته ، كما يقول تعالى في سورة الاسراء 44 : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } حقا إن ادراك الطرائق التي تعمل بها الذراتُ والأجسام لَمِمّا يصعُب تحقيقه ، ومهما تقدّم العلم وخطا خطواتهِ العملاقة ، فسيظلُّ جانبٌ من أكثر جوانب التركيب الماديّ أهميةً بعيداً عن الكشف النهائي ، مستعصياً على البَوْح بالسِّر المكنون " . إن عصر الانكار الكلّي لحقائقَ علميةٍ معينة قد انتهى ، وحلَّ محلّه اعتقادٌ سائد أخَذَ يتسع شيئاً فشيئا ، في أن ميدانَ العِلم لا يشهَدُ تغيراتٍ فحسب ، بل طَفَراتٍ وثورات . ان نتائج فلسفيةً هامة ستتمخّض حقاً عن هذا التغير ، والفرق بين ما هو طبيعي وما هو خارقٌ للطبيعة سوف يتناقص … الفرقُ بين الطبيعة وما وراء الطبيعة ، والحضور والغيْب ، والمادة والروح ، والقدَر والحرّية ، وستلتقي معطياتُ العلم مع حقائق الدين في عناق حار ، لقاءً كثيراً ما حدّثنا عنه القرآنُ الكريم ، كتابُ الله المعجزة . لِله ملكُ السماوات والأرض ، يحيي ويميت كما يشاء { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . هو الاول بلا ابتداء قبلَ كل شيء ، والآخر بلا انتهاء بعد كل شيء : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] . وهو الظاهر بالآثار والأفعال ، والباطنُ فلا تدركه الأبصار { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فلا يخفى عليه شيءٌ في السماوات والأرض . وهو الذي خلق هذا الكونَ في ستة أطوار ، فدبَّره جميعه ثم استولى على العرش . وقد تقدَّم مثلُ هذه الآية في عدة سور : الأعراف ويونس وهود والفرقان والسجدة . يعلم كل ما يغيب في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يصعَد اليها ، { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } عليمٌ بكم ، محيطٌ بشئونكم في أيّ مكان كنتم . { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لله وحدَه مُلك السماواتِ والأرض ، وإليه تُرجَع الأمور . إنه يقلّب الليلَ والنهار ويقدّرها بحكمته كما يشاء ، فتارةً يطولُ الليل ويقصُر النهار ، وتارة يقصر الليلُ ويطول النهار ، وتارة يجعلهما معتدلَين . { وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } وخفيِّ مكنوناتها ، وما تضمره القلوب .