Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 7-11)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مستخلفين فيه : خلفاء عنه ووكلاء بالتصرف . ميثاقكم : عهدكم . الفتح : فتح مكة . مَن ذا الذي يُقرض اللهَ : من ذا الذي ينفق في سبيل الله . هذه السورةُ من السوَر المدنية كما قدّمنا ، وهي تعالج بناء دولة وأمة . وهنا تعالج حالةً واقعة في ذلك المجتمع الاسلامي الجديد ، فيظهر من سياق الحثِّ على البذْل والإيمان أنه كان في المدينة ، إلى جانبِ السابقين من المهاجِرين والانصار ، فئةٌ من المؤمنين حديثةُ عهدٍ بالاسلام ، لم يتمكن الايمان في قلوبهم ، ولهم صِلاتُ قرابةٍ ونَسَبٍ مع طائفة المنافقين التي نبتت بعد الهجرة وكانت تكيدُ للاسلام والمسلمين . وكانت هذه المكائد تؤثّر في بعض المسلمين الذين لم يُدركوا حقيقةَ الايمان فأنزل الله تعالى هذه الآياتِ يثبّت بها قلوبَ المؤمنين ويحثّهم على البذل والعطاء . فهي تقول : آمِنوا باللهِ حقَّ الايمان الصادق ، وأنفِقوا في سبيل الله من المال الذي جعلكم خلفاءَ في التصرّف فيه . ثم تبين السورة ما أعدّ الله للذين آمنوا وأنفقوا من أجرٍ كبير : { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } . ومالكم لا تؤمنون بالله والرسولُ يدعوكم الى ذلك ويحثّكم عليه ! انه يبين لكم الحججَ والبراهين على صحة ما جاءكم به ، وقد أخذ الله عليكم الميثاقَ بالايمان من قبلُ { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } . ثم بين الله تعالى انه ينزّل على رسوله الكريم آياتٍ من القرآن ليُخرجَكم بها من الضلال الى الهدى ، { وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } يلطف بكم من حيثُ لا تعلمون ، ويمهّد لكم سبيلَ الخير من حيث لا تحتسبون . ثم زاد في التأكيد على الانفاق أن الجميع صائر اليه ، وان الانسانَ لا يأخذُ معه شيئا مما يجمعُه الا العملَ الصالحَ والانفاقَ في سبيل الله فقال : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } . مالكم أيها الناس لا تنفقون مما رزقكم الله في سبيله ؟ أنفِقوا أموالكم في سبيل الله قبل ان تموتوا ، ليكونَ ذلك ذُخراً لكم عند ربكم . فأنتم بعد الموت لا تقدِرون على ذلك ، اذ تصير الأموال ميراثاً لمن له السماواتُ والأرضُ فهو الذي يرث كل ما فيهما . ثم بيّن تفاوت درجات المنفقين فقال : { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } . لا يستوي في الدرجة والأجرِ ذلك المؤمن الذي أنفق قبلَ فتح مكة وقاتَلَ ( لأن المسلمين كانوا في ضيق وجُهد وحاجة الى من يسانِدهم ، ويقويهم ) فهؤلاء المنفِقون والمقاتلون قبل فتحِ مكةَ أعظمُ درجةً عند الله من الذين أنفقوا بعد الفتح وقاتلوا . وقد وعدَ الله الجميعَ المثوبةَ الحسنى ، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فيجازي كلاًّ بما يستحق . ثم نَدَبَ الى الانفاق بأسلوبٍ رقيق جميلٍ حيثُ جعل المنفِقَ في سبيل الله كالذي يُقْرِض الله ، والله غنيٌّ عن العالمين . فقال : { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } هل هناك أجملُ من هذا التعبير ! مَن هذا الذي ينفِق امواله في سبيل الله محتسباً أجره عند ربه ، فيضاعِف الله له ذلك القَرض ، اذ يجعل له بالحسنة الواحدة سبعمائة ، وفوق ذلك له جزاءٌ كريم عند ربّه ، وضيافةٌ كريمة في جنة المأوى . قراءات : قرأ ابو عمرو : وقد أُخذ ميثاقكم بضم همزة اخذ ورفع ميثاقكم . والباقون : وقد أخذ ميثاقكم بفتح الهمزة ونصب ميثاقكم . وقرأ ابن عامر : وكلٌّ وعدَ الله الحسنى برفع كل . والباقون : وكُلاً بالنصب . وقرأ ابن كثير : فيضعّفُه بتشديد العين وضم الفاء . وقرأ ابن عامر مثله : فيضعّفَه بالتشديد ولكن بنصب الفاء . والباقون : فيضاعفَه بالألف ونصب الفاء .