Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 20-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الكفار : هنا الزرّاع ، يقال : كفر الزارعُ البذرَ بالتراب ، غطاه . يهيج : ييبس ويصفرّ ، وفعلُ هاجَ له معنى آخر ، يقال : هاج القومُ هَيْجا وهيَجانا : ثاروا لمشقة او ضرر . وللفعل هاجَ معانٍ اخرى . حطاما : هشيما متكسرا . متاع الغرور : الخديعة . في كتاب : في اللوح المحفوظ . نبرأها : نخلقها . لا تأسوا : لا تحزنوا . كل مختال : متكبر . فخور : المتباهي بنفسه . يبين الله تعالى هنا حقارة الدنيا وسرعة زوالها . اعلموا أيها الناس أنما الحياة الدنيا لعبٌ لا ثمرة له ، ولهوٌ يشغَل الانسانَ عما ينفعه ، وزينةٌ لا بقاء لها ، وتفاخرٌ بينكم بأنساب زائلة وعظامٍ باليةٍ ، وتكاثرٌ بالعَدد في الأموال والأولاد . مِثْلُها في ذلك مثل مطرٍ نزل في أرضِ قومٍ وأنبت زرعاً طيباً اعجبَ الزّراع ، ثم يكمُل ويهيج ويبلغ تمامه ، فتراه بعدَ ذلك مصفرّا ثم يصير حطاماً منكسرا لا يبقى منه ما ينفع . فمن آمن وعملَ في الدنيا عملاً صالحاً واتخذ الدنيا مزرعةً للآخرة نجا ، ودخل الجنة . وفي الآخرة عذابٌ شديد لمن آثر الدنيا وأخذها بغير حقها ، وفيها مغفرة لمن عمل صالحاً وآثر آخرته على دنياه . { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } متاع زائل وخديعة باطلة لا تدوم . ثم بعد ان بين الله أن الآخرة قريبة ، فيها العذابُ والنعيم - حثَّ إلى المبادرة الى فعل الخيرات فقال : { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ … } تسابَقوا أيها المؤمنون في عملِ الخير ، حتى تنالوا مغفرة من ربكم ، وتدخلوا جنةً سعتُها كسعة السماء والارض ، هُيئت للذين آمنوا واتقَوا ربهم ، { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } فهو واسعُ العطاء عظيم الفضل ، يُعطي من يشاء بغير حساب . ما أصابكم أيها الناس من مصائبَ في الأرض من قحطٍ او جَدْبٍ وفسادِ زرعٍ او كوارث عامة كالزلازل وغيرها ، او في أنفسِكم من مرضٍ او موتٍ او فقر او غير ذلك - إنما هو مكتوبٌ عندنا في اللوحِ المحفوظ ، مثْبَتٌ في علم الله من قبل ان يبرأ هذه الخليقة . وما اثبات هذه الأمور والعلم بها الا أمر يسير على الله . { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } وحيث علمتم ان كل ما يجري هو بعلم الله وقضائه وقدَره - عليكم ألا تحزنوا على ما لم تحصَلوا عليه حزناً مفرطاً يجرّكم الى السخط ، ولا تفرحوا فرحاً مبطِرا بما أعطاكم ، فاللهُ لا يحب كلّ متكبرٍ فخور على الناس بما عنده . قال عكرمة : ليس أحدٌ الا وهو يحزَن او يفرح ، ولكنِ اجعلوا الفرحَ شُكرا والحزنَ صبراً . وما من إنسان الا يحزن ويفرح ، ولكنّ الحزنَ المذمومَ هو ما يخرجُ بصاحبه الى ما يُذهِبُ عنه الصبرَ والتسليم لأمرِ الله ورجاءِ الثواب ، والفرحَ المنهيَّ عنه هو الذي يطغى على صاحبه ويُلهيه عن الشكر . ثم بين الله اوصافَ المختالين الذين يَفْخرون على الناس فقال : { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } هؤلاء لا يحبّهم الله ، ولا ينظر إليهم يومَ القيامة . { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } ومن يُعرِض عن طاعة الله ، فإن الله غنيٌّ عنه ، وهو المحمودُ من خلقه لما أنعم عليهم من نعمه ، لا تضرّه معصية من عصى ، ولا تنفعه طاعة من اطاع . قراءات : قرأ ابو عمرو : بما أتاكم بغير مد . والباقون : بما آتاكم بمد الهمزة . وقرأ الجمهور : بالبُخْل بضم الباء واسكان الخاء . وقرأ مجاهد وابن مُحَيصن وحمزة والكسائي : بالبَخَل بفتحتين وهما لغتان . والبخل بفتحتين لغة الانصار . وقرأ نافع وابن عامر : ان الله الغني الحميد ، بحذف هو ، والباقون : ان الله هو الغني الحميد .