Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 1-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الذين كفروا : هم بنو النضير من اليهود ، وذلك بنقضهم العهدَ بينهم وبين رسول الله . لأول الحشر : وهو جمعهم واخراجهم من المدينة . حصونهم : واحدها حصن ، كان اليهود يسكنون منفردين عن العرب في قلاع مسوَّرة محصنة . فأتاهم الله : جاءهم عذابه . من حيث لم يحتسبوا : من حيث لم يخطر لهم ببال . يخرِّبون بيوتهم بأيديهم : كانوا يهدمون بيوتهم من قبل ان يغادروها . الجلاء : الخروج عن الوطن . اللينة : النخلة . شاقّوا الله ورسوله : خالفوهما وحاربوهما . { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ … } . لقد تقدم مثله في اول سورة الحديد وشرحنا ما استطعنا هناك . هو الذي أجلى الذين كفروا من أهل الكتاب " وهم بنو النضير ، اكبر قبائل اليهود " أجلاهم من ديارهم ، وكان هذا اول مرة حُشروا فيها واخرجوا من المدينة فذهب بعضهم الى الشام ، وبعضهم الى خيبر . وما ظننتم أيها المسلمون ان يخرجوا من ديارهم ، لقوّتهم ، وظنوا هم ان حصونهم تمنعهم من بأس الله … فأخذهم الله من حيث لم يظنوا ان يؤخذوا ، والقى في قلوبهم الرعب الشديد . { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ } . وكانوا يخرّبون بيوتهم ليتركوها غير صالحة للسكنى بعدهم ، وتخرّبها ايدي المؤمنين من خارج الحصون ليقضوا على تحصنهم ويخرجوهم أذلاء . { فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } . اتعظوا يا ذوي البصائر السليمة ، والعقول الراجحة ، بما جرى لهؤلاء القوم المتكبّرين المتجبّرين من حيث لم تنفعهم أموالُهم ، ولا اسلحتهم . وعلينا نحن اليوم ان نعتبر ولا نخاف من شدة تسلّح اليهود وما عندهم من قوة وأموال ، فلو اتفقنا واتحدنا ، وجمعنا شملَنا على قلبٍ واحد صمَّم على الجهاد ، واعددنا لهم ما نستطيع من العدة - لكان النصر لنا بإذن الله ، سيكون مآل اليهود كمآل اسلافهم المتبجّحين . ولا يمكن ان يأتينا النصرُ من الشرق ولا من الغرب فما النصر الا من عند الله ، ومن عند انفسِنا وايماننا وعزمنا على استرداد اراضينا بأيدينا . عندها يكون الله معنا والنصر لنا بإذنه . ثم بين الله تعالى أن الجلاء الذي كُتب عليهم ، كان اخفَّ من القتل والأسر فقال : { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } . ولولا ان الله قدّر جلاءهم عن المدينة ، وخروجهم أذلاّء ، لعذّبهم في الدنيا بما هو أفظعُ منه من قتلٍ او أسر ، ولهم في الآخرة عذاب النار في جهنم وبئس القرار . كلّ ذلك الذي اصابهم في الدنيا ، وما ينتظرهم في الآخرة - إنما كان لأنهم عادوا لله ورسولَه أشدّ العداء ، ومن يخالف الله ويعاديهِ فإن الله سيعاقبه اشدّ العقاب . { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } . عندما حاصر الرسول الكريم واصحابه يهودَ بني النضير قطعوا بعض نخيلهم حتى يذلّوهم ويجبروهم على الاستسلام ، فقال الله تعالى : أي شيء قطعتموه من النخل او أبقيتموه كما كان ، فهو بأمر الله ، فلا حرجَ عليكم فيه ، ليعزّ المؤمنين ، وليخزيَ الفاسقين المنحرفين .