Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 128-129)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعشر : النفر والقوم . الرهط : الجمع من الرجال . استكثر الشيءَ : اخذ منه الكثير اولياؤهم : الذين تولوهم اي اطاعوهم في وسوستهم . الاستمتاع بالشيء : الانتفاع به طويلا . بلغنا اجلنا : وصلنا يوم البعث والجزاء . المثوى : مكان الاقامة . الخلود : المكث الطويل غير المحدود . في الآيات السابقة بيّن الله حال الذين سلكوا صراطه المستقيم ، وان الله شرح صدورهم ، وجزاؤهم الجنّة ، فهم في كفالة ربهم ناعمون . وهنا يعرض سبحانه وتعالى حالَ الذين سلكوا طريق الشيطان . وهو يعرض يوم الحشر في القيامة وما فيه من هول ، في مشهد حيّ حافل بالحوار ، فيقول : { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ … } . يوم يحشر الله تعالى الخلق جميعا من إِنس وجنّ ، ويقول جل جلالُه : يا معشر الجن ، قد أكثرتُم من إغراء الانس حتى تَبعكم منهم عدد كثير . فيقول الذين اتّبعوهم من الانس { رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } ربنا ، لقد انتفع بعضُنا ببعض ، واستمتعنا بالشهوات ، وبما كان لنا في طاعتهم ووسوستهم من اللذّة والانغماس في الشهوات ، { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } ثم إننا قد وصلنا الى الأجل الذي حدّدته لنا ، وهو يوم البعث والجزاء ، وقد اعترفنا بذنوبنا فاحكُم فينا بما تشاء . وما هذا الاعتراف الا من نوع الحسرة والندامة على ما كان منهم من التفريط في الدنيا . فيقول جل جلاله : { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } . ان النار منزلكم ومقركم خالدين فيها الا ما شاء الله ان ينقذهم ، فكل شيء بمشيئته واختياره ، فله السلطان الكامل ، { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } وهو حكيم فيما يفعل ويختار ، عليم بما يستحقه كل من الفريقين . وفي قوله تعالى { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } فسحةٌ كبيرة وبشرى عظيمة بسعةِ حلمه ورحمته ، انه غفور رحيم . { وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . ومثلُ ذلك الذي ذُكر من استمتاع اولياء الانس والجن بعضهم ببعض ، نولي بعض الظالمين بعضاً بسبب ما كانوا يكسِبون من الكبائر والجرائم . روى ابو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال : سألت الاعمش عن قوله تعالى { وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضاً } قال : معناه كما سمعتُ من اشياخي : " اذا فسد الناس أُمِّرَ عليهم شِرارهم . وذلك ان الحكّام يتصرفون في الأمم الجاهلة الضالّة تَصَرُّفَ رعاة السوءِ في الأنعام السائمة " . ولذلك تفرَّد الاسلام بوضع هذا الدستورالعظيم ، جعل أمر الأُمة بين أهل الحلّ والعقد ، وأمَر الرسولَ بالمشاروة ، لئلا يتفرّد بالحكم طاغية يتحلل من الرقابة . وانما يولّي الله الناسَ بأعمالهم ، فالمؤمن وليُّ المؤمن من اين كان وحيثما كان ، والكافر وليُّ الكافر من اين كان وحيثما كان . وهذا ما نشاهده الآن من تجمُّع اولياء الشياطين من الكفار من صليبيّين وصهيونيين وغيرهم . وكلهم في صفِّ واحد ضد الاسلام والمسلمين ، وهم يدعمون اليهود ويساعدونهم بكل ما لديهم من قوة وسلاح كما تفعل امريكا في الوقت الحاضر ، وبريطانيا قبلها ، ليحاربوا المسلمين ويسلبوا وطنهم ومالهم . إنه تجمُّع يتجلّى فيه قولُه سبحانه : { وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . والله سبحانه وتعالى غالبٌ على أمره ، وقد بشّرنا بقوله : { إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } . ونحن نأمل في أن تتجمَّع قوى المسلمين على قلب واحد ، لهدف واحد هو تخليص أرضنا المقدسة ، فلسطين ، من براثن الأعداء . قراءات : قرأ حفصل عن عاصم ، وروح عن يعقوب : " يحشرهم " بالياء ، كما هو في مصحفنا . وقرأ الباقون " نحشرهم " بالنون .