Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 130-132)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخطاب هنا موجه الى الجنّ والإنس معا ، فهل ارسل الله الى الجن رسلا منهم كما ارسل الى الإنس ؟ يقول جمهور العلماء : ان الرسل كلهم من الإنس كما يدل عليه ظاهر الآيات الاخرى . اما عالم الجن فهو عالم غيبّي لا نعرف عنه إلا ما ورد به النص . وقد دل القرآن الكريم والاحاديث الصحيحة على ان النبي علي الصلاة والسلام قد أُرسل إليهم ايضا في قوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ … } الآيات من سورة الاحقاف . فهذا يدل على ان الرسل من الإنس وحدهم ، وان الجن كانوا يستمعون لهم وينذرون أقوامهم . فالله تعالى يقول لهم يوم القيامة : يا أيها الإنس والجن ، لقد جاءتكم الرسل يذكُرون لكم الحجج والبينات ، ويتلون عليكم الآياتِ المبينَة لأصول الايمان ، والفصِّلة لأحكام الشرائع ، وينذرونكم لقاء الله في هذا اليوم العصيب ، فكيف تكذبون ؟ فأجابوا : قد أقررنا وشهِدنا على أنفسنا بما ارتكبنا ولكنهم : { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } قد خدعتهم الحياة في الدنيا ومتاعها من الشهوات والاموال والاولاد ، وحبُّ التسلط على الناس . بذلك أقرّوا وشهدوا على انفسهم انهم كانوا جاحدين كافرين بالآيات والنذر . ثم يلتفت سبحانه وتعالى بالخطاب الى الرسول الكريم والمؤمنين ، والى الناس اجمعين فيقول : { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } . وهذا من رحمة ربنا تعالى بنا جميعا ، فهو لا يؤاخذ الناس حتى على الشِرك والكفر حتى يرسل اليهم الرسل ، كما بين ذلك في عدد من الآيات منها : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } . فالله سبحانه لايهلك القرى بظلمهم وأهلها غافلون عن الحق ، بل ينبهُهُم على يدِ رُسله أولاً ، فإن تمادَوا نالوا جزاءهم . وعلاوة على ان هذه الآيات تصوّر رحمة الله بالانسان وفضله عليه ، فإنها أيضاً تقرر ان العقل والمدارك وحدها لا تكفي ، ولا تعصم من الضلال ، ما لم تساندْها العقيدة ويَضبطْها الدين . ثم يختم ذلك بتقرير لطيف في شأن الجزاء ، للمؤمنين وغيرهم على السواء ، فيقول : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } . أي أن لكل عامل خيرٍ أو شرِ درجاته من جزاء ما يعمله … ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ، والله تعالى غير غافل عما يعملون ، بل ان عملهم في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها .