Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 68-70)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخوضون في آياتنا : يسترسلون في الحديث بتشويه تلك الآيات . أعرِض عنهم : انصرِف عنهم . بعد الذكرى : بعد التذكير . ولكن ذكرى لعلهم يتقون : ولكن هذا تذكير لهم . ان تبسل نفس : ان تحبس بما كسبت وتمنع . السبل : حبس الشيء ومنعه بالقهر ، ومنه شجاع باسل اي مانع غيره . تَعْدِل : تَفْدِ كل فداء . الحميم : الشديد الحرارة . ألِيم : شديد الألَم . بعد ان ذكر الله تعالى في الآيات السابقة تكذيب كفار قريش ، وبيّن ان الرسول عليه الصلاة والسلام مبلّغ للناس عن ربّه لا خالق للايمان فيهم - جاءت هذه الآيات لتبيّن كيف يعامل المؤمنُ من يتخذ دين الله هزواً ولعبا من الكفار الذين كانوا يستهزئون بالقرآن وبالرسول والمستضعَفين من اصحابه الكرام . وكذلك كيف يعامل المؤمن أهل الأهواء والبِدع في كل زمان ومكان . والمخاطَب في هذه الآيات هو الرسول عليه الصلاة والسلام ومن كان معه من المؤمنين ، ثم المؤمنين في كل زمان . { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ … } الآية . اذا حضرتَ مجلس الكفار ، او جاء المشركون ليستمعوا اليك ، ووجدتهم يطعنون في آيات القرآن ، او يستهزئون بها ، فانصرِف عنهم يا محمد حتى ينتقلوا الى حديث آخر . وإن نسيتَ وجالستَهم وهم يخوضون ، ثم تذكّرت أمر الله بالبعد عنهم - فلا تبقَ معهم أبداً . وسرُّ هذا النهي أن الإقبال على اولئك الخائضين والقعود معهم يغريهم في التمادي ، ويدل على الرضا به والمشاركة فيه . وهذا خطر كبير لما فيه من سماع الكفر والسكوت عليه . { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } . ثم بين الله تعالى ان المؤمنين اذا فعلوا ذلك فلن يشراكوا الخائضين في الإِثم ، لكن عليهم أن يذكّروهم ، لعلّهم يكّفون عن الباطل . وبعد أن أمر رسوله بالإِعراض عمن اتخذ آيات الله هزوا ، أمره بترك الذين غرتهم الحياة الدنيا وزخرفها الباطل فقال : { وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } . واترك يا محمد ، انت ومن اتبعك من المؤمنين ، جميعَ الذين اتخذوا دينهم لعبا ، فلقد خدعتهم الحياة الدنيا عن الآخرة ، فآثروها واشتغلوا بلذائذها الفانية . { وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ … } . وبعد ان امرهم بترك المستهزئين بدينهم امر بالتذكير بالقرآن فقال : ذكّر يا محمد دائما بالقرآن ، وحذرهم هول يوم القيامة ، يوم تُحبس فيه كل نفس بعملها . { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } لا ناصر يومذاك ولا معين غير الله . { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ } . ثم أرشد الى أنه لا ينفع في الآخرة إلا صالح الاعمال ، فلا شفيع ولا وسيط ، وكلُّ فِدية للنجاة من العذاب مرفوضة ولا ينفع النفسَ أي فدية تقدمها في ذلك اليوم . ثم يبين الله أن هذا الإبسال كان بسوء صَنِيعهِم ، حيث اتخذوا دينهم هزواً ولعباً فحُرموا الثواب ، وحُبسوا عن دار السعادة . لقد أحاطت بهم خطاياهم ، فاستحقّوا ان يكون { لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } ، أي شراب من ماء شديد الحرارة ، وعذاب شديد الألم بنار تشتعل في أبدانهم . وفي ذلك عبرة لمن ينفعه القرآن ، ولا يَغتَرُّ بلقب الاسلام فقط ، ويعلم ان المسلم من اتخذ القرآن إمامه ، وسنَّةَ رسوله طريقه ، من اغتّر بالأماني وركن إلى شافعة الشافعين .