Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 84-90)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهب : اعطى بغير عوض . هدينا . أرشدنا . احسن : فعَلَ ما هو حسن . اجتبينا : اصطفينا حبط علمه : بطل . بعد ان حكى الله تعالى أنَّ ابراهيم اظهر حجة الله في التوحيد ، وعدد وجوه نعمه واحسانه اليه ، ذكر هنا انه جعله عزيزاً في الدنيا ، وابقى له هذه الكرامة الى يوم القيامة . { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا } . ووهبنا لإِبراهيم إسحاق نبيّاً ، ثم جعلنا من ذريته يعقوب وغيره من الأنبياء والمرسلين . وانما ذكر إسحاق هنا دون اسماعيل لأنه هو الذي وهبه الله تعالى لأبراهيم بعد كبر سنه وعقم امرأته سارة ، جزاءَ ام ظهر من إيمانه في قصة ذبح ولده إسماعيل ، ولم يكن له ولد سواه . { وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } . ووفقنا من قبلهم نوحاً الى مثل ما هدينا ابراهيم وذريته . وقد ذُكر نوح هنا إيماءً الى شرف نسب ابراهيم . { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } . ومن ذريّة إبراهيم تناسل هؤلاء الأنبياء المرسلون . فقد ذكر في هذه الآيات سبعة عشر نبيّاً . وستأتي الاشارة إلى آخرين من ذرياتهم وآبائهم واخوانهم … كل هذا ليدل على فضل إبراهيم ونوح عليهما السلام ، حيث جعل الله الكتاب والنبوة في نسلهما . وقد جاء في سورة الحديد ، { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } وهدينا من ذريته ( إبراهيم ) كلاً من داود وسليمان وغيرهما . فداود وسليمان وأيّوب وموسى وهارون ، آتاهم الله الإمارة والملك مع النبوة والرسالة . وأيّوب كان أميراً غنياً محسنا ويوسف كان وزيراً عظيما وحاكماً متصرفا وموسى وهارون كانا حاكمَين ولم يكونا ملكين . وزكريا ويحيى وعيسى والياس ، كانت لهم ميزة الزهد والاعراض عن لذات الدينا ومن ثم خصّهم بوصف الصالحين . واسماعيل وإليسع ويونس ولوط ، وهؤلاء لم يكن لهم من ملك الدنيا ما كان للقسم الأول ، ولا من المبالغة في الزهد ما كان للقسم الثاني . { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ … } . وهدينا بعض آبائهم وذرياتهم واخوانهم واصطفيناهم ، فسلكوا طريق الخير والصراط الذي لا اعوجاج فيه . { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } . إن ذلك التوفيق العظيم الذي نالته هذه النخبة الكرام لهو توفيق من عند الله يُكرم به من يشاء من عباده . { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . ولو أشرك هؤلاء النخبة المختارة ، لضاعت كل اعمال الخير التي عملوها ، فلم يكن عليها ثواب . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } . اولئك الذين آتيناهم الكتُب المنزلة والعلم النافع ، وشرفَ النبوة ، كما آتيناهم الحُكم ، والقضاء بين الناس . فإن يكفر المشركون من أهل المكة بالكتاب والحكم والنبوة ، فقد وفقنا للإيمان بها وتولِّي نصر الداعي اليها قوماً كراماً لن يكفروا ، وهؤلاء هم مسلمو مكة ، ثم الانصار في المدينة ، ومن أسلم بعد الهجرة . وحُكْمُ هذه الآية مستمر وباق الى الابد ما دامت السماوات والارض . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } . أولئك الانبياء الثمانية عشر الذين ذكرت اسماؤهم في الآيات السالفة ، هم الذين وفقهم الله وهداهم ، فاتّبعهم أيها النبي أنت ومن معك واقتدِ بهم . { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ } . قل ايها الرسول لقومك ، كما قال الانبياء لأقوامهم : إنني لا أسألكم على هذا القرآن أجراً من مال أو منصب ، وما هو الا تذكير للعالمين ، كل غايتي من تبليغه ان ينتفع به البشر جميعا ويهتدوا بهديه . قراءات : قرأ ابن ذكوان ، وحمزة والكسائي وخلف ويحيى ، " رأى " بكسر الراء وامالة الهمزة . وقرأ ابو عمرو بفتح الراء وامالة الهمزة والباقون " رأى " بفتح الراء والهمزة . وقرأ اهل المدينة وابن ذكوان " اتحاجوني " بتخفيف النون والباقون " اتحاجوني " بتشديدها . وقرأ الكسائي " وقد هداني " بالامالة . وقرأ حمزة والكسائي وخلف " اللَّيْسع " بتشديد اللام وفتحها وسكون الياء . والباقون " إلْيَسع " بسكون اللام وفتح الياء . وقرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب ، بحذف الهاء في " اقتده " في الوصل ، واثباتها في الوقف ، والباقون باثبات الهاء في الوصل والوقف .