Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 1-3)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تلقون اليهم بالمودَة : تودونهم وتخبرونهم بأخبارنا . يُخرجون الرسولَ وإياكم : من مكة . أن تؤمنوا بالله : من اجل ايمانكم بالله . سواء السبيل : الطريق القويم المستقيم . إن يثقفوكم : ان يظفَروا بكم . أرحامكم : قراباتكم . تقدم الكلامُ عن سبب نزول هذه الآيات ، في الصحابيّ حاطب بن أبي بلتعة ، وهو صحابي من المهاجرين الذين جاهدوا في بدرٍ ( وهؤلاء لهم ميزة خاصة ) وانه كتب الى قريش يحذّرهم من غزو الرسول صلى الله عليه وسلم لمكة مع امرأة ، وان الرسول الكريم كشف امره ، وأرسل سيدنا علي بن ابي طالب مع عددٍ من الصحابة الكرام وأخذوا الكتاب من المرأة . وقد اعترف حاطب بذنبه ، وقال للرسول عليه الصلاة والسلام : واللهِ ما كفرتُ منذ أسلمت ، ولا غششتُ منذ آمنت ، لكنّي كتبت الى قريش حمايةً لأهلي من شرهم ، لأني لست قرشياً ولا يوجد لي عشيرةٌ تحميهم . فعفا عنه وقبل عذره . والآية عامة في كل من يصانع العدوَّ او يُطْلعه على أسرار المسلمين ، او يتعاون معه . ومعناها : يا أيها الذين آمنوا ، لا تصادِقوا الأعداء ، فلا تتخذوا اعداء الله واعداءَكم انصارا . { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ } . تعطونهم المحبة الخالصة ، مع أنهم كفروا بما جاءكم من الإيمان بالله ورسوله ، وقد اخرجوا رسول الله واخرجوكم من دياركم { أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ } لأنكم آمنتم بالله ربكم . فإن كنتم خرجتُم من دياركم للجهاد في سبيلي وطلبِ رضاي فلا تُسِرّوا اليهم بالمحبة ، أو تسرِّبوا إليهم الاخبار ، وأنا أعلمُ بما أَسررتم وما اعلنتم . { وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } . ومن يتخذْ أعداءَ الله أولياءَ وانصاراً فقد انحرف وضل عن الطريق المستقيم . ذلك أن هؤلاء الذين تحبّونهم سراً ، إن يظفروا بكم تَظْهَرْ لكم عداوتهم ، ويمدوا إليكم أيديَهم وألسنتهم بالأذى والقتل وبكل ما يسوؤكم . وكم تمنَّوا ان تكفروا بالله بعد إيمانكم ، إنهم يودّون لكم كل ضرر وأذى في دينكم ودنياكم ، فكيف بعد هذا تحبّونهم سرا ، وتمدونهم بالأخبار ! ثم بين ان ما جعله بعضُ الصحابة من مودّتهم ( للمحافظة على الأهل والولد ) لا ينبغي ان يقدَّم على المصلحة العامة ، وامورِ الدين فقال : { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } . لا ينفعكم شيء يوم القيامة ، لا قراباتكم ولا أولادكم ، لا ينفع المرءَ في ذلك اليومِ الا العملُ الصالح والاخلاص في دينه وايمانه ، واللهُ تعالى يفصِل بينكم يوم القيامة ، فيذهب اهلُ النار الى النار ، واهل الجنة الى الجنة ، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } . قراءات : قرأ عاصم : يفصل بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد . وقرأ حمزة والكسائي : يفصِّل بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد المشددة . وقرأ نافع وابن كثير وابو عمرو : يفصل بضم الياء وسكون الفاء وفتح الصاد مبنيا للمجهول . وقرأ ابن عامر : يفصل بضم الياء وفتح الفاء والصاد المشددة . فهذه اربع قراءات والمعنى واحد لان الفعل فَصَل يَفصِل ، وفَصَّل يُفصِّل بمعنى واحد .