Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 4-7)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأسوة : بضم الهمزة وكسرها : القدوة . برَآءُ : جمع بريء يعني متبرئين منهم . لا تجعلنا فتنة للذين كفروا : لا تسلّطهم علينا فتنزل البلاء علينا بأيديهم . ومن يتولّ : ومن يعرِض . بعد ان بيّن للمؤمنين خطر موالاة الكفار ولو كانوا من أقربائهم وأولادهم - جاء هنا يذكّرهم بما فعل جدُّهم إبراهيم ( فإن قريشَ والعرب عامة يعتقدون ان نسبهم متصلٌ بابراهيم ) وكيف تبرأ هو والذين هاجروا معه من أهلِهم وقومهم ، وعادوهم ، وتركوا لهم الديار ، فهلاَّ تأسّيتم ايها المؤمنون بهذا النبي العظيم ! قد كانت لكم قدوة حسنةٌ تقتدون بها في أبيكم إبراهيمَ والذين معه ، حين قالوا لقومهم : تبرأْنا منكم ، ومن الآلهة التي تعبدونها من دونِ الله ، لا يجمعُنا بكم شيء ، كَفَرْنا بكم ، وظهر بيننا وبينكم العداوةُ والبغضاء التي لا تزول أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده … فلا تجاملوهم أيها المسلمون ولا تُبدوا لهم الرأفةَ وتستغفروا لهم . وأما قولُ إبراهيم لابيه : { لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } فإنما كان عن مَوْعِدَةٍ وعدها إياه ، فلما تبيّن له انه عدوٌ للهِ تبرّأ منه ، كما جاء في سورة التوبة الآية 114 : { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } ثم بين الله كيف ترك إبراهيمُ والذين معه قومهم وأوطانهم والتجأوا الى الله : { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } . ربّنا قد اعتمدْنا عليك في جميع أمورنا ، ورجعنا اليك بالتوبة ، ومصيرُنا اليك . فاقتدوا بهم أيها المؤمنون . { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا } . ربّنا لا تجعلّنا بحالٍ نكون فيها فتنة للكافرين ، بأن تُظهرَهم علينا فيفتنونا بذلك ، واغفر لنا ذنوبنا ، { رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } . ثم كرر ما تقدّم للاقتداء بإبراهيم عليه السلام ومن معه فقال : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } . لقد كان لكم أيها المؤمنون في إبراهيمَ والذين معه قدوةٌ حسنة في معاداتكم لأعداء الله ، وهذه القدوةُ لمن كان يرجو لقاء الله في اليوم الآخر . { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } . ومن يعرض عن هذا الاقتداء فقد ظلم نفسه ، والله غنيّ عن إيمانه ، بل عن جميع خلقه ، محمود بأياديه وآلائه . { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم … } من الكافرين مودّةً بتوفيقهم للايمان ، { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وقد صدقت نبوءةُ القرآن ففُتحت مكة ، وأسلم كثيرٌ من المشركين الذين نهاهم الله عن مودّتهم ، ودخل الناسُ في دين الله أفواجا . قراءات : قرأ الجمهور : إسوة بكسر الهمزة . وقرأ عاصم : أسوة بضم الهمزة وهما لغتان .