Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-6)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنافق : هو من يُظهر الايمان ويبطن الكفر . جنة : بضم الجيم ، وقاية . طبع : ختم عليها . لا يفقهون : لا يعلمون . تعجبك اجسامهم : لصباحتها وتناسُب اعضائها . تسمع لقولهم : لفصاحتهم وحسن حديثهم . خشُب مسندة : جمع خشبة ، يعني انهم أجسام فارغة لا حياة فيها . يحسبون كل صيحة عليهم : فهم لشعورهم بالذنب وبحقيقة حالهم ، يظنون أن كل صوت او حركة عليهم . قاتلَهم الله : لعنهم الله وطردهم من رحمته . يؤفكون : يصرفون عن الحق . لوَّوا رؤوسهم : أمالوها استهزاء . يصدّون : يعرِضون . لقد وصف الله تعالى المنافقين هنا بأوصاف قبيحة في منتهى الشناعة ، فهم كذّابون يقولون غير ما يعتقدون ، قد تستّروا بأيمانهم ، يحلِفون كذبا بالله سَتراً لنفاقهم وحقناً لدمائهم ، وهم يصدّون الناس عن الاسلام ، ويأمرونهم أن لا ينفقوا على المسلمين . وانهم جُبناء ، فرغم ضخامة أجسامهم ، وفصاحة ألسنتهم يظلون في خوف دائم ، يظنّون كل صيحة عليهم . ولذلك كشف أمرهم هنا بوضوح فقال تعالى : { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } . فالله تعالى يخبر الرسول الكريم أن المنافقين عندما يأتون اليه ويحلفون عنده بانهم مؤمنون به - يكونون غير صادقين ، والله يعلم ان سيدنا محمداً رسول الله ، ولذلك أكد بيان كذبهم بقوله : { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } كذبوا فيما أخبَروا به ، لأنهم لا يعتقدون ما يقولون ، { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [ آل عمران : 167 ] . ثم بين انهم يحلفون كذباً بأنهم مؤمنون حتى يصدّقهم الرسول الكريم ، ومن يغتَرُّ بهم من المؤمنين . { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } جعلوا أيمانهم الكاذبة وقايةً وستراً لهم من افتضاح امرهم ، فصدوا الناس عن سبيل الله . فما أقبح ما هم عليه من الكفر والكذب ! ! ثم بين الله تعالى انهم آمنوا بالاسلام قولاً ظاهرا ، ولكنهم كفروا به عملاً ، فطبع الله على قلوبهم { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } . ثم وصف هيئاتهم الظاهرة والباطنة ، فأجسامُهم في الظاهر حسنة تُعجِب الناس ، ومنطقهم حسن ، ولكلامهم حلاوة ، أما في الباطن فهم خُشُبٌ لا فائدة فيها ، اشباح بلا ارواح ، فسدت بواطنهم ، وحسنت ظواهرهم . ثم وصفهم بالجبن والذلة اذا سمعوا اي صوت او حركة ظنّوا انهم المقصودون ، وان أمرهم قد افتُضِح : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } وأنهم هالكون لا محالة . { هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ } ايها الرسول ولا تأمنهم ابدا . ثم زاد في ذمهم وتوبيخهم فقال : { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } لعنهم الله وطردَهم من رحمته كيف يُصرَفون عن الحق الى ما هم عليه من النفاق . ولما افتضح امرهم ونزل القرآن بصفتهم - جاءهم اقرباؤهم ، وقالوا لهم : افتضحتم بالنفاق ، فتوبوا الى الله واذهبوا الى الرسول واطلبوا ان يستغفر لكم ، فأمالوا رؤوسهم استهزاءً واستكبارا ، ولم يقبلوا ذلك . ثم بين الله ان هؤلاء المنافقين لا فائدة منهم ، ولن ينفع معهم أيُّ شيء بقوله تعالى : { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } . فالاستغفار وعدمه سِيّان ، لا يُجديهم نفعا ، لأن الله كَتَبَ عليهم الشقاء بما كسبتْ أيديهم . قراءات : قرأ ابن كثير وابو عمرو والكسائي : خشب باسكان الشين . والباقون : خشب بضم الخاء والشين . وقرأ نافع : لووا رؤوسهم بفتح الواو الأولى بلا تشديد ، والباقون : لووا رؤوسهم بتشديد الواو الاولى المفتوحة .