Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 7-11)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
حتى ينفضّوا : حتى يتفرقوا . ليُخرجنّ الاعزُّ منها الأذلَّ : يعني ان المنافقين هم اصحاب العزة ، والمسلمين هم الاذلاء كما يزعمون . لولا أخّرتني : هلاّ أخّرتني . عندما غزا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بني المصطَلَق ( وهم قوم من خزاعة من القحطانيين ) وهاجمهم على ماءٍ لهم يقال له المريسيع من ناحية قديد قرب الساحل - هزمهم وساق إبلهم واموالهم ونساءهم سبايا . وكان في تلك الغزوة رأس المنافقين عبد الله بن أُبَيّ . وقد وقع شجارٌ بين غلام لعمر بن الخطاب وغلام لعبد الله بن ابي ، وكاد يقع شر كبير بين المهاجرين والانصار لولا ان تدخّل الرسول الكريم وحسم الخلاف وسار بالناس باتجاه المدينة . في هذه الاثناء قال عبد الله بن ابي : لقد كاثَرنا المهاجرون في ديارنا ، واللهِ ما نحن وهم الا كما قال المثل : " سَمِّنْ كَلبك يأكلك " أما واللهِ لئن رجعنا الى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذل ، ثم قال لأتباعه : لو أمسكتم عن هذا وذويه فضلَ الطعام لم يركبوا رقابكم ، فلا تنفِقوا عليهم حتى ينفضّوا من حول محمد . فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنقَ هذا المنافق ، فقال له : فكيف اذا تحدّث الناس أن محمداً يقتل اصحابه ؟ ثم قال رسول الله لعبد الله بن أُبي : أنت صاحبُ هذا الكلام الذي بلغني ، قال : والله الذي انزل عليك الكتابَ ما قلتُ شيئا من ذلك ، وان الذي بلَّغك لكاذب . فنزلت هذه الآيات . { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } . هؤلاء المنافقون - عبد الله بن ابي وأتباعه - يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله من المؤمنين حتى يتفرقوا عنه ، { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ولكنهم نسوا ان الله هو الرازق ، وله جميع هذا الكون وما فيه من ارزاق يعطيها من يشاء ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } لجهلهم بسنن الله في خلقه ، وانه كفل الارزاق لعباده في اي مكان كانوا متى عملوا وجدّوا في الحصول عليها . وهم الذين { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ } يعني بذلك عبد الله بن أُبي ومن معه من المنافقين ، { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فالله له العزة والغلبة ، ولمن اعزه الله من الرسول الكريم والمؤمنين ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } . روي ان عبد الله بن عبد الله بن أُبي ، وكان من خيار الصحابة المؤمنين عندما اشرف على المدينة وقف وسلّ سيفه وقال لابيه : لله عليَّ ان لا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل . فلم يبرح حتى قال عبد الله بن ابيّ ذلك . وبعد ان بين حالَ المنافقين وفضحهم وكشف دسائسهم ومؤامراتهم اتجه الى المؤمنين يؤدبهم بأدب القرآن ، ويذكّرهم بان الاموال والاولاد والدنيا بأسرها لا قيمة لها من غير إيمان خالص ، وانفاق في سبيل الله ، وان كل انسان له اجل لا بد منتهٍ اليه ، والله خبير بما يعملون . فعلى المؤمنين ان لا يكونوا مثل المنافقين ، فلا تلهيهم اموالهم ولا اولادهم عن ذكر الله آناء الليل واطراف النهار ، وعليهم ان يؤدوا ما فُرض عليهم من العبادات . ثم أمرهم ان ينفقوا اموالهم في سبيل الله ، ولا يؤخروا ذلك حتى يحل الموت فيندموا حيث لا ينفع الندم ، فيقول احدهم : { رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } . ولكل نفس اجل لا تعدوه ، وعمر لا يزيد ولا ينقص { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } فعليكم ان تستعدوا للرحيل قبل حلول الأجل ، وهيئوا الزاد ليوم المعاد . { فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ } [ البقرة : 197 ] . ثم حذّرنا جميعا وانذرنا بانه رقيب على الجميع في كل ما يأتون ويذرون فقال : { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . وهكذا يربينا الله تعالى بهذا القرآن الكريم . قراءات : قرأ الجمهور : فاصدق وأكن بجزم أكن على محل أصدق . كان الكلام هكذا : ان اخرتني أصدَّق واكن . وقرأ ابو عمرو وابن محيصن ومجاهد : واكون بالنصب عطفا على اصدق ، والله أعلم ، والحمد لله وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .