Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 7-13)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
زعم فلان كذا : ادّعى علمه بحصوله ، واكثر ما يُستعمل الزعم للادّعاء الباطل . النور : هو القرآن الكريم . يوم الجمع : يوم القيام . يوم التغابن : هو يوم القيامة ، وسُمي بذلك لأن اهلَ الجنة تغبن فيه اهل النار بما يصير اليه اهل الجنة من النعيم وما يلقى اهل النار من العذاب في الجحيم . وأصل الغَبن : النقص ، غبن فلان فلاناً في البيع : نقصه حقه . والخلاصة أنه في ذلك اليوم يظهر الربح والخسران ، فيربح المؤمنون ، ويخسر الجاحدون الكافرون . { زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ … } في الآيات السابقة ذكر اللهُ إنكار المشركين للألوهية ، ثم إنكارهم للنبوة ، وبيّن ما لقيَه المنكرون وما سيلقون . وهنا يبين إنكارهم للبعث والجزاء ، فقل لهم يا محمد : ليس الأمر كما زعمتم ، إني أُقسم بربي لتُبعَثُنَّ بعد الموت ، ولَتُجزَوْنَ بما عملتم في الدنيا وتحاسَبون عليه ، { وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } ، فهو كما خَلَقَكم سيُعيدكم . ثم بعد ان بيّن لهم الحقائق طالبَهم بالإيمان ، وذلك لمصلحتهم ولخيرهم فقال : { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا } ما دام البعثُ حقا ، فصدَّقوا ايها الناس بهذا الإله العظيم وبرسوله الكريم ، وبهذا القرآن الذي هو نور أضاءَ الكونَ بهدْيه ، واخرجَ العالَمَ من الظلمات الى النور ، { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فلا تخفى عليه اعمالكم . ثم أنذر بأنه تعالى يجمعهم يومَ القيامة ، يوم يظهر ربح الرابحين وخسران المبطلين فقال : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } في ذلك اليوم يُغبن الكافرون ويربح المؤمنون ، وما أعظمه من ربح ! ! انه لا غبنَ أعظم من ان قوما ينعمون ، وقوما يعذَّبون ، ذلك هو الخسران المبين . ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يُذهب عنه سيئاته { وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده ، { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز } [ آل عمران : 185 ] . ثم بين الله تعالى الجانبَ المقابل وهم أهلُ النار فقال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . فهؤلاء جزاؤهم النارُ لكفرهم وتكذيبهم الرسلَ وإنكارهم المعجزات ، وبئس النارُ مصيراً لهم . وبعد ان بين مصير الناس وأنهم قسمان : كافر بالله مكذِّب لرسله ومصيرُهُمْ النار ، ومؤمن بالله ومصدّق لرسله ويعمل الصالحات فهو من اهل الجنة - بيّن هنا أمراً عظيما بقوله : { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ … } . ان ما يصيب الانسان من خير او شر إنما يكون بقضاء الله وقدَره بحسب النُظم التي وضعها للكون . فعلى الانسان ان يجدَّ ويعمل ، ثم لا يبالي بعد ذلك بما يأتي به القضاء . على المرء ان يبذل جهده ويسعى في جلب الخير ودفع الضُرّ ما استطاع الى ذلك سبيلا ، وان يتوكل على الله ويؤمن به خالص الايمان . { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فالايمان يضيء القلبَ ويشرح الصدر لخير العمل ، وأيّ نعمةٍ أعظمُ من هذه النعمة ! ! . ثم يا ايها المؤمنون أطيعوا الله فيما كلّفكم به ، وأطيعوا الرسول فيما بلّغ عن ربه ، فإن أعرضتم فلن يضرّه إعراضكم { فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } . وقد تقدم مثل هذه الآية اكثر من مرة . ثم يبين الله تعالى تفرُّدَه بالمُلك والخلق والقدرة ، وأن علينا ان نتوكل عليه { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } . توكلنا على الله وهو حسبُنا ونعم الوكيل . قراءات : قرأ يعقوب : يوم نجمعكم بالنون ، والباقون : يجمعكم بالياء .