Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 20-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جند : عون ، معين . في غرور : في خداع يخدعون انفسهم . ان أمسك رزْقه : حبس عنكم المطر وغيره من الأسباب التي ينشأ منها الرزق . لجّوا : تعدَّوا الحد . في عُتوّ : في تمرد وعناد . نفور : اعراض وتباعد . مكباً على وجهه : اصل المعنى ان يمشي المرء مطرقا بوجهه الى الارض . والمقصود : الذي يسير على غير هدى . سويًّا : معتدلا ، مستقيما . الافئدة : العقول . انشأكم : خلقكم . ذرأكم : خلقكم . زلفة : قريبا . سيئت وجوه الذين كفروا : قبحت وعَلتها الكآبة . تدعون : تطلبون ، وتستعجلون . أرأيتم : اخبروني . غورا : غائرا في الأرض . معين : جارٍ غزير . بعد ان بين الله للناس عجائب قدرته فيما يشاهدونه من احوال الطير وخلقه ، وخوّفهم من خسف الأرض بهم ، وارسال الحاصب عليهم بالعذاب - سأل الجاحدين المعاندين بقصد التوبيخ والتقريع : من الذي يعينكم وينصركم ويدفع عنكم العذاب اذا نزل بكم ؟ هل هناك غير الرحمن ؟ والتعبيرُ بالرحمن يدل على ان الله رؤوف بعباده رحيم . { إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } وظنٍّ كاذبٍ يخدعون به انفسهم . ثم سؤال ثان منه تعالى : إذا منعَ اللهُ عنكم أسبابَ الرزق ، من يرزقكم غيرُ الله : بل تمادى الكافرون في استكبارِهم وبُعدِهم عن الحق . ثم ضرب الله مثلاً يبين به الفرق بين المشركين والموحدين فقال : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . هل الذي يعيش في الضلال ويتخبط في الجهالة والكفر اهدى سبيلاً ، أم الذي آمنَ ويمشي على الطريق المستقيم سالماً من التخبط والجهل ؟ { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ كَٱلأَعْمَىٰ وَٱلأَصَمِّ وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ؟ } [ هود : 24 ] . فهذا المكبّ على وجهه هو المشرك ، والذي يمشي سويا هو الموحّد ، فهل يستويان ؟ قل لهم ايها الرسول ان ربكم هو الذي خلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، لتسمعوا وتبصروا وتهتدوا ، ولكن { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } ولكنكم مع كل هذه النعم فالشاكرون منكم قليل . قل لهم منبهاً الى خطأهم وجحودهم : ان ربكم هو الذي خلقكم وبثكم في الارض ، ومن ثم اليه ترجعون يوم القيامة . ومع هذا كله ، يسألون الرسول استهزاء وتهكماً فيقولون : متى يأتينا العذابُ الذي تعدنا به ؟ { قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } قل يا محمد : هذا علمٌ اختص الله به ، وانما انا رسول منه جئت لأنذركم وأبين لكم شرائع الله . { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } . الحديث في هذه الآية يكون يوم القيامة ، يعني : فلما قامت القيامة وحشر الناس ورأى الكفار العذابَ قريبا منهم ساءهم ذلك وعلت وجوههم الكآبة والحزن . ويقال لهم { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } [ الذاريات : 14 ] وهذا التعبير جاء ليدلنا على ان يوم القيامة قريب جدا . وكما جاء في قوله تعالى : { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَـسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الزمر : 47 ، 48 ] . قل لهم : أخبِروني ماذا تستفيدون إن أماتنيَ اللهُ ومن معي من المؤمنين ، او رحمَنا فأخّر آجالنا وعافانا من عذابه ؟ فهل هذا كله يمنع الكافرين من عذابٍ أليمٍ استحقّوه بكفرهم وغرورهم ! . { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } . قل لهم ايها الرسول : آمنا بالرحمن رب العالمين ، وتوكلنا عليه في جميع أمورنا ، وستعملون اذا نزل العذاب من هو الضال من المهتدي . وقد تكرر لفظ الرحمن اربع مرات في هذه السورة ليدل على انه رحيم بعباده ، بابه مفتوح لهم دائماً . ثم يختم الله تعالى هذه السورة العظيمة بتهديد كبير ، ويلمّح لهم بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة وذلك بحرمانهم من الماء الذي هو سبب الحياة الأول فيقول : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ } قل لهم : أخبروني ان ذهب ماؤكم غائرا في الارض ولم تستطيعوا الوصول اليه ، فمن يأتيكم بماء عذب جار تشربونه ؟ ولا جواب لكم الا ان تقولوا : الله . قراءات : قرأ يعقوب : تدعون بفتح الدال من غير تشديد . والباقون : تدعون بتشديد الدال . وقرأ الكسائي : فسيعلمون بالياء . والباقون : فستعلمون بالتاء . فلله الحمد والمنة ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .