Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 28-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفاحشة والفحشاء : ما عظم قبحه من الافعال القسط : الاعتدال في جميع الامور اقامة الشيء : اعطاؤه حقه وتوفيته شروطه اقيموا وجوهكم : اعطوا توجهكم الى الله حقه . بعد ان بيّن الله حالة الشياطين وأنهم قرناء للعاصين مسلَّطون عليهم - ذكر هنا أثر ذلك التسلط ، وهو الطاعةُ لهم في أقبحِ الأشياء مع عدم شعورهم بذلك القبح . لذا فإنهم يقولون : إنّنا نقلّد آباءَنا والله أمَرَنا بذلك . وسببُ ذلك أن العرب ما عدا قريشاً كانوا لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها من قبلُ ، ويقولون : لا نطوف في ثيابٍ عَصينا فيها . وكانت قريش فقط تطوف في ثيابها ، ومن أعاره قريشيُّ ثوباً طاف فيه ، ومن كان معه ثوبٌ جديد طاف فيه ثم يلقيه ، ومن لم يجد ثوباً طاف عريانَ . كان هذا مذهبهم ، رجالاً ونساءً ، فحرَّم ذلك الإسلام فقال : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } . واذا فعل الذين لا يؤمنون بالله عملا قبيحا لطوافهم في البيت عرايا ، وغير ذلك من الامور الباطلة ، فلامهم الناس على ذلك ، قالوا وجدنا آباءَنا يفعلون كما نفعل ، ويسيرون على هذا المنهاج ، ونحن بهم مقتدون ، والله أمرنا به ورضي عنه حيث أقرّنا عليه . وقد ردّ الله على ذلك بقوله : { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ } قل ايها النبيّ منكِراً عليهم افتراءَهم : ان الله لا يأمر بهذه الأمور المنكَرة . ثم ردّ عليهم أيضا بقوله : { أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أتنسِبون الى الله ما لا تعلمون انه شَرَعَه لعباده ، وليس عندكم دليل على صحة ما تقولون ! ! وبعد ان أنكر عليهم ان يكونوا على علم بأمر الله فيما فعلوا ، بيّن ما يأمر به الله من محاسن الأعمال ومكارم الاخلاق بقوله لرسوله : { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ … } أي بالعدل ، وما لا فُحش فيه . وأمركم ان تخصّوه بالعبادة في كل زمانٍ ومكان ، وان تكونوا مخلِصين له الدينَ ، ولا تتوجهوا الى غيره . وبعد أن بيّن أصلَ الدين ، وأمَرَنا بالتوجّه إليه وحدَه - ذكّرنا بالبعث والجزاء على الاعمال فقال : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } أي إنكم أيها البشَر كما بدأ الله خلقَكم وتكوينَكم ستعودون اليه يوم القيامة ، تاركين ما حوله من النِعم وراء ظهوركم . { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } . وسيكون الناس يوم القيامة فريقين : فريقاً وفّقه الله لأنه آمن وعمل عملاً صالحا ، وفريقاً حكم عليه بالضلالة لأنه اختار طريق الباطل وهؤلاء الضالُّون قد اتّخذوا الشياطينَ أولياء من دون الله فاتَّبعوهم ، فضلّوا وهم يظنّون أنهم مهتدون ، لاغترارهم بخداع الشياطين .