Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 96-100)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بركات السماء : تشمل الروحية والمادية ، وبركات الارض الخصب ، وما فيها من معادن وخيرات . البأس : العذاب . بياتا : ليلا . الضحى : اولها النهار . يلعبون : يلهون من فرط غفلتهم . المكر : التدبير الخفي ، والخداع وان تَصْرِف غيرك عن مقصده بحيلة . ومكرُ الله مجازاتُهُ على المكر . هداه السبيل : دله عليه . بعد ان بين الله أخْذَه لأهل القرى الذين كذّبوا رسُلهم - ذكر هنا لأهل مكةَ ما يكون من إغداقِ النعم عليهم لو آمنوا بالرسول واهتَدوا بهدْية ، واعتبروا بسنّة الله في الأُمم من قبلهم . لو أن أهل تلك القرى آمنوا بما جاء به انبياؤهم ، وعملوا بوصاياهم ، وابتعدوا عما حرمه الله - لفتحْنا عليهم أنواعاً من بركات السماء والارض نِعماً لا تحصى ، كالمطر والنبات والثمار والمعادن والأرزاق ، والسلامة من الآفات … لكنهم جحدوا وكذبوا أولئك الرسل ، فأنزلنا بهم عقوبتنا ، لِما كانوا يقترفونه من الشرك والمعاصي . ثم عجب الله من حالهم وغفلتهم فقال : { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ … } . هل جهِلَ أهل هذه القرى فاطمأنّوا الى أنه لن يأتيَهم عذابنا وقتَ بياتِهم ! وفي هذا تحذير للناس أجمعين . أو أن ينزل بهم العذاب في النهار وقتَ الضحى وهم منهمكون في أعمالهم العابثة حتى كأنها لَعِب ! ! قراءات : قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : " أوْ أمن " بتسكين الواو . والباقون اَوَ أمن بفتح الواو . { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } . هل جَهِلوا سُنّة الله في المكذّبين ، فأمِنوا عذابه ليلا او نهارا ؟ إنه لا يحهل تدبير الله وقُدرتَه في عقوبة المكذّبين برسُله الا الذين خسروا أنفسَهم غباءً ، فلم يفقهوا ما فيه سعادتهم . فلا يجوز لأحد ان يأمن مكر الله ويظلّ مسترسلاً في المعاصي ، اتّكالاً على عفوه ومغفرته ورحمته . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بقوله : " اللهم يا مقلّبَ القلوب والأبصار ثبِّتْ قلبي عل دينك " وقد بين لنا الله تعالى ان الراسخين في العلم يدعونه فيقولون : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً } . وكما ان الأمن من مكر الله خُسران ومفسدة ، فاليأس من رحمة الله كذلك . لذا وجب ان يظل المؤمن بين الخوف والرجاء دائما . { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } . هذا تحذير للسامعين ، وخطابٌ لجميع الناس حتى يتّعضوا ويستقيموا . ومعناه : أغابَتْ عن الذين يخلْفونَ مَن قَبلهم من الأمم سُنّةُ الله فيمن قبلهم ! ! وإن شأننا فيهم كشأنِنا فيمن سبقوهم ، لو نشاء ان نعذّبهم أصبنْاهم كما أصبنْا أمثالَهم . ولا يرد الله سبحانُه وتعالى للناس بهذا التحذير الشديد ان يعيشوا خائفين قلقين ، كلا ، بل يطلب منهم اليقظة ومراقبة النفس والعظة من تجارب البشر . هكذا ينبغي ان نفهم ذلك التخويف الدائم من بأس الله الذي لا يُدفع ، ومن مكر الله الذي لايُدرك . إنه لا يدعو الى القلق وانما الى اليقظة ، ولا يؤدي الى الفزع بل الى الحساسية ، وهو لايعطل الحياة وإنما يحرسها من الاستهتار والطغيان .