Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 10-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هجراً جميلا : تبعّد عن خصمك بلا عتاب ولا اذى . أولي النَعمة : بفتح النون ، اصحاب النعيم المتنعمين بأموالهم واولادهم . النعمة بفتح النون : الرفاهية وطيب العيش . والنِعمة بكسر النون : ما أنعم الله به على الانسان من رزق ومال وغيره . مهِّلهم وأمهلهم : اتركهم برفق وتأنّ ولا تهتم بشأنهم . أنكالا : جمع نكل ( بكسر النون ) وهو القيد الشديد . ويقال : فلان نكل شر . وطعاماً ذا غصة : هو الطعام الذي لا يستساغ ، يقف في الحلق فلا يدخل ولا يخرج . الكثيب : الرمل المجتمع كالتل ، جمعه كثبان وكثب وأكثبة . مَهيلا : ينهال ويتحرك من الرياح ولا يثبت . أخذاً وبيلا : اخذا ثقيلا . منفطر : متصدع ، متشقق . بعد ان بيّن اللهُ لعبادِه كيف تكون العبادةُ وكان ذلك في أوائل الدعوة - أدَّب الرسولَ الكريم بآدابٍ رفيعة يعامِل بها المكذّبين . اصبر أيها الرسولُ على أذى سفهاء قومك ، ولا تكترثْ بما يتقوّلون عليك مثل قولهم : " ساحر أو شاعرٌ أو مجنون " او غيرِ ذلك من الأباطيل . ابتعدْ عنهم ، ولا تتعرّضْ لهم بأذى وخالفْهم في الأفعال ، مع المداراة والحِلْم والصبر . ثم أمر رسولَه ان يترك أمرَ المشركين إليه ، أولئك الذين أبطرتْهم النعمةُ ، فالله هو الكفيلُ بمجازاتهم وسوف لا يكون ذلك طويلا . ثم ذكر أنه سيعذّبهم بالأَنكالِ والقيودِ الشديدة والنارِ المستعرة ، وبالطعام الذي لا يُستساغ بل ينشبُ في الحَلْق ، وبالعذابِ الأليم . متى يكون هذا ؟ سيكون : { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } . ذلك يومً القيامة ، يومَ تُزلزَلُ الأرضُ وتصير الجبال مفتتة كالرمال التي تنهالُ ولا تثبُتُ على حال ثم تُنْسَفُ نسفاً ، فلا يبقى منها شيء . وبعد ان خوّف المكذّبين بأهوالِ القيامة بيّن لهم ما لقيَ مَن قبلَهم من الأمم السالفة وما حلّ بهم من العذابِ والدمار فقال : { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } . إنا أرسلْنا اليكم يا أهلَ مكة والعربَ والعالمَ اجمعَ محمداً يشهدُ عليكم يومَ القيامة ، كما أرسلنا الى فرعونَ موسَى يدعوه إلى الحق ، فعصَى فرعونُ الرسولَ الذي أرسلناه اليه ، فأخذناه أخذاً شديداً ، حيث أهلكناه ومن معه بالغَرق . فاحذَروا ان تكذّبوا رسولكم ، فيصيبكم مثلُ ما أصابه . ثم أعاد تهديدَهم وتخويفَهم بعذابِ الآخرة فقال : { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } إن كفرتم وأصرَرْتُم على جُحودكم فكيف تَتّقون عذابَ ذلك اليوم الذي يَشِيبُ لِهولِهِ الأطفال ، وتنشقُّ السماء ! ووعدُ الله واقعٌ لا محالة ، واللهُ لا يُخلِفُ وعْدَه . ثم بعد ما بيّن ما يقع في ذلك اليوم من أهوالٍ مخيفةٍ أخذَ يذكّرهم بأنّ هذه الأشياءَ التي قدّمها ما هي الا موعظة ، فمن شاءَ الانتفاعَ بها { ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } فاختارَ طريقَ السلامة بالإيمان والتقوى … وهذا من الترغيب في الأعمال الصالحة بعدَ ذلك الترهيبِ والتخويف .