Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 32-56)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كلاّ : تأتي لمعانٍ أربعة : الأول : ان تكون للردع والزجر ، وهو الغالبُ في استعمالها ، مثل قوله تعالى { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 61 ، 62 ] والمعنى انتهوا عن القول . الثاني : ان تكون للرد والنفي فتردّ شيئا وتثبت آخر مثل ان يقول المريضُ الذي لم يعمل بنصح طبيبه : شربتُ ماء ، فيقول الطبيب : كلا ، بل شربتَ لبنا . معناه ما شربت ماء ، ولكنْ شربتَ لبنا . الثالث : تكون بمعنى ألا ، يُستفتح بها الكلامُ للتنبيه ، مثل قوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [ العلق : 6 ، 7 ] . الرابع : ان تجيء جواباً بمعنى حقاً وتكون مع القسَم ، مثل قوله تعالى هنا : { كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } ومعناه حقاً ، وأُقسم بالقمر الخ … أدبر : ولى . أسفر : اضاء . انها لإحدى الكبر : ان جهنم لاحدى الدواهي الكبيرة . رهينة : مرتهنة بعملها . ما سَلككم : ما ادخلكم . نخوض مع الخائضين : نخالط اهل الباطل في باطلهم ونكثر من الكلام الذي لا خير فيه . حتى أتانا اليقين : حتى اتانا الموت . مستنفرة : نافرة ، هاربة . القسورة : الأسد . منشَّرة : منشورة . كلا : لا سبيلَ لكم إلى إنكار سقَرَ وصفتها المخيفة . وأُقسِم بالقمر ، وبالليلِ إذا ولّى وذهب ، وبالصُّبح إذا تبلّج وأضاء - إن جهنّم لإحدى البلايا الكبار والدواهي العِظام لإنذار البشَر لمن شاءَ ان يقبلَ الإنذارَ او يتولّى عنه . وهذا تهديد وإعلام بأن من تقدم الى الطاعة والايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم جازاه الله بثواب لا ينقطع ابدا ، ومن تأخر عن الطاعة ولم يؤمن بمحمد عوقب عقابا لا ينقطع ابدا . { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } فهي محبوسة بعملها ، مرهونة عند الله بكسْبها . { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } لأنهم فكّوا رقابَهم بحُسْنِ أعمالهم ، وبطاعتهم وإيمانهم … ولذلك فانهم { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } ؟ . فقد جزاهم الله أحسنَ الجزاءِ فهم في غرفاتِ الجناتِ يسألُ بعضهم بعضاً عن المجرمين . ويقولون لهم : { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } ما الذي أدخلكم جهنم ؟ فاجابوهم أن هذا العذابَ الذي هم فيه سببه اربعة أمور : الاول : { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } لم نصلِّ مطلقا لاننا لم نكن نعتقد بوجوب الصلاة علينا . الثاني : { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } ولم نكن من المحسنين ، ولم نتصدق بفضل اموالنا على الفقراء والمساكين . الثالث : { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } وكنا لا نبالي بالخوض في الباطل مع من يخوض فيه ، ونكثر من الكلام الذي لا خير فيه : في حق محمد واصحابه ، وفي امر القرآن فنقول انه سحر وشعر وكهانة . الرابع : { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } وكنا نكذب بيوم القيامة ، ولم يؤمن بالبعث والنشور والجزاء والحساب ، { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } حتى جاءنا الموت فعرفنا اننا كنا في ضلال تائهين . ولذلك قال الله تعالى معقبا على اعترافهم بجرمهم { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } فهم بعد اتصافهم بهذه الصفات واعترافهم بجريمتهم لا يمكن ان يشفع لهم احد ، لأن لهم النار خالدين فيها ابدا . ثم اكد توبيخهم والتقريع عليهم بقوله : { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } فما لهم عن التذكير بالقرآنِ والعظة به منصرفين ، كأنهم حميرٌ فرَّت من أسدٍ يطاردُها ليفترسَها . ثم بين انهم بلغوا في العناد حداً لا يتقبله عقل ، فقال : { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } فكل واحدٍ منهم يريد ان ينزِلَ عليه كتابٌ مفتوح من السماء . وكانوا يقولون : إن كان محمد صادقاً فليصبحْ عندَ رأسِ كل واحدٍ منا صحيفةٌ فيها براءة من النار { كَلاَّ } : زجرٌ وتوبيخٌ على اقتراحهم لتلك الصحف ، { بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } لانهم لم يؤمنوا بها . { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } حقا ان القرآن تذكرة بليغة كافية ، فمن شاء ان يذكره ولا ينساه فعل . وما يذكرون الا بمشيئة الله ، هو أهل لأن يتقى ، وأهل لان يغفر لمن اتقاه … بابه مفتوح دائما . والحمد لله رب العالمين . قراءات : قرأ الجمهور : اذا دبر اذا بالف بعد الذال ، ودبر بوزن ضرب . وقرأ نافع وحمزة وحفص : اذ ادبر ، اذ بسكون الذال ، وأدبر بوزن أكرم . ودبر وأدبر لغتان .