Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 20-40)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ناضرة : حسنة مشرقة ، متهللة بما ترى من النعيم . ناظرة : تنظر الى ربها . باسرة : عابسة كالحة . فاقرة : داهية عظيمة تكسر عظام الظهر . التراقي : جمع ترقوة ، عظم في اعلى الصدر . من راق : من يرقيه وينجيه مما هو فيه . الفراق : فراق الدنيا والاحباب والاصحاب . التفّت الساق بالساق : التوت احدى الساقين على الأخرى عند نزع الروح . المساق : المرجع والمآب الى الله . يتمطى : يتبختر في مشيته تكبرا وخيلاء . أَولى لك فأَولى : هذه العبارة دعاء على العاصي المتكبر بمعنى ويل لك ثم ويل لك وهلاك لك ايها المكذب . سدى : مهملا لا يسأل . نطفة : ماء قليلا ، والجمع نطاف ونطف . يمنى : يراق ويصب في الارحام . علقة : قطعة دم جامد . { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ . وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } . الخطاب هنا يعود لكل من انكر البعث والجزاء وآثر الدنيا ومتاعها ، ولم يعمل للآخرة . ليس الأمرُ كما تقولون من أنكم لا تُبعثون بعد مماتكم ، بل أنتم تحبون الدنيا وملذّاتها ، وتتركون الآخرةَ ونعيمها . ثم وصف ما يكون يوم القيامة بأن الناس ينقسِمون الى فريقين : أبرار وجوهُهم مشرقة حسنة مضيئة تشاهد عليها نَضْرة النعيم ، تنظُر الى ربها عِياناً بلا حجاب . ووجوه يومئذ كالحة شديدة العبوس ، تتوقع ان تنزل بها داهية تقصم الظهر . وبعد ذِكر اهوال القيامة ، ووصفِ سعادة السعداء وشقاوة الاشقياء - بين ان للدنيا نهاية ، وأن الموتَ مصيرُ كل الناس . وان الكافر أضاع الفرصةَ في الدنيا ، فلا هو صدَّق بأوامر الدين ولا أدى فرائضه ، وبين انه لا بدّ من الجزاء على صالح الأعمال وسيئها ، وإلا تساوى المطيع والعاصي ، وهذا خلافُ العدل ، ولا يَليقُ بخالِق الكون العادل الحكيم . وانه كما قَدر على الخلق الأول وأوجدَ الانسانَ من منيّ يُمنَى ، فأهون عليه أن يُعيده خَلقاً آخر . { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } ازدجِروا وتنبهوا الى مصيركم وارتدعوا عن حب الدنيا التي تفارقونها ، اذا بلغت الروح عظام النحر ، وقال أهل الميت والحاضرون : هل هناك أحد يرقيه ويشفيه مما به ؟ وأيقن المحتضر أنه مفارق الدنيا والأهل والمال والأصحاب وبلغت به الشدة اقصاها { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } فالتوت احداهما على الأخرى وخرجت الروح . { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } الى خالقك المرجع والمآب ، فإما الى جنة واما الى النار { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } . فما صدق هذا الجاحد بوحدانية الله ، ولا أدى ما عليه من الصلوات ، ولكن كذّب القرآن ، فاعرض عن الايمان ، وتولى عن طاعة الله ، ثم راح يمشي مشية تكبر وخيلاء افتخارا بما صنع . { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } ويل لك مرة بعد أخرى ، وهذا تهديد ووعيد معناه أولاك الله ما تكرهه ، والنار أولى بك وأجدر . ثم اقام الله الدليل على البعث بقوله : { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } وهذا ليس عدلا ، اذ لا بد من حياة اخرى يجازى فيها كل انسان بما فعل ، ولا بد من الجزاء على صالح الاعمال وسيئها ، والا تساوى المطيع والعاصي ، وذلك ليس عدلا ، وهذا لا يليق بالحكيم العادل ، الذي خلق هذا الكون المنتظم . ثم بين انه خلق الانسان من شيء صغير لا يُرى ، وجعله بهذه المنزلة وهذا التركيب وإعادته اهون عليه فقال : { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ } . الم يكن الانسان نطفة في صلب ابيه ، وأودعها الرحم ، وخُلق من شيء لا يرى بالعين المجردة ، فصار علقة ، ثم سواه الله بشرا باحسن تقويم ، وجعل منه ذكرا او انثى عمروا هذا الكون فاذا كان الله قادرا على خلقه من لا شيء ، ألا يمكنه ان يعيده مرة اخرى ؟ بلى انه على كل شيء قدير . وليس خلق الانسان بشيء إذا قيس بخلق هذا الكون العجيب الفسيح الكبير كما قال الله تعالى : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [ غافر : 57 ] . قراءات : قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر : كلا بل يحبون العاجلة ويذَرون الآخرة ، بالياء ، والباقون : بالتاء . وقرأ حفص وابن عامر ورويس : من مني يمنى بالياء كما هو في المصحف . والباقون : من مني تمنى بالتاء . والحمد لله رب العالمين .