Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 15-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
زحفا : مشياً بثقل في الحركة . زحف الجيش الى العدو مشى اليهم في نقل كأنه جسم واحد الأدبار : واحدها دُبر مؤخرة الانسان ، يراد بها الهزيمة . متحرفا لقتال : منحرفا الى جانب آخر . متحيزا الى فئة : منضمّا اليهم . مأواه جهنم : مصيره اليها . موهن كيد الكافرين : مضعف كيدهم وتدبيرهم . يا ايها الذين آمنوا إذا واجهتم الذين كفروا في الميدان وهم زاحفون عليكم بكثرتهم فلا تفرّوا منهم ، إلا أن يكون ذلك مكيدَة حرب ، وحيث تختارون موقعاً أحسن ، او تدبّرون خطة ، او يكون ذلك التحيز انضماماً إلى فئمة أخرى من المسلمين ، لتعاودوا القتال . ان من تولّى منكم وانهزم من وجه العدو يغضب الله عليه ، ومصيره الى النار . والتولِّي يوم الزحف كبيرةٌ من السبع الموبقات ، كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجتنِبوا السبعَ الموبقات ، قيل يا رسول الله وما هنّ ؟ قال : الشرك بالله ، والسِّحر ، وقتل النفس التي حرّم الله الا بالحق ، وأكلُ الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولّي يومَ الزحف ، وقذف المحصنَات الغافلات المؤمنات " . { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ … } . إذا كنتم ايها المؤمنون قد انتصرتم عليهم وقتلتموهم ، فانكم لم تفعلوا ذلك بقوتكم ، بل إن الله هو الذي نصركم عليهم بتأييده لكم والقاء الرعب في قلوبهم ، وما رميتَ أيها الرسول اذ كنت ترمي التراب والحصا في وجوههم ، ولكن الله تعالى هو الذي رمى فافزعهم . { وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً } . والله قد فعل ما ذكر ليبلي المؤمنين بالشدة ، ليظهر اخلاصهم ، ويُنعم عليهم بالنصر والغنيمة ، وليثيبهم عليه من فضله وهو الذي وهبهم إياه . { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يسمع استغاثتكم ويعلم حالكم . { ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } ذلك هو النصر العظيم ، وان الله مضعف بأسَ الكافرين وتدبيرهم بنصركم وخذلانهم . وهذه بشارة أخرى مع ما حصل من النصر ، فانه أعلمَهم بانه مضعفٌ كيدَ الكافرين فيما يُستَقْبل من الأيام . قراءات : قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وابو بكر " مُوهِنٌ كيدَ الكافرين " بالتنوين ونصب كيد ، وقرأ ابو عمرو وابن كثير ونافع : " مُوَهّنٌ كيد " بتشديد الهاء . وقرأ حفص : " مُوهِن كيد " بالاضافة وهي قراءة المصحف . وقرأ نافع وابن عامر وحفص " وأنَّ " بفتح الهمزة والباقون بكسرها . { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ … } يتجه الخطاب هنا الى الكافرين فقد قال أبو جهل : " اللهُمَّ أيُّنا كانَ اقطع للرحم ، وآتى بما لا يعرف فأَحْنِهِ الغداة " ويعني بذلك الرسول الكريم ، وقوله : " كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد " ومعنى أحْنِهِ أَمِتْهُ . يعني اجعله ينحني ويسقط على الأرض . إن تستفتحوا فتطلبوا من الله ان يفتح بينكم وبين المسلمين ، وأن يُهلك أضلَّ الفريقين وأقطعَهُا للرحم فقد استجاب الله ، فجعل النصر للمسلمين ، والهزيمة عليكم . { وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } وعلى ضوء هذه الحقيقة ، يرغِّبهم الله في الانتهاء عما هم فيه من الشرك والكفر ومحاربة الله ورسوله وان تعودوا للاعتداء نعدْ عليكم بالهزيمة . { وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ } لن تغنَي عنكم جماعتكم المجتمعة على الإثم شيئا ، ولو كان عددها كثيرا ، وماذا تفعل الكثرة اذا كان الله في جانب المؤمنين ! { وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } اذا صدقوا وأخلصوا لله وللرسول ، وقاموا بواجبهم ، ونصروا الله ورسوله .