Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-4)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الانفال : جمع نَفَل بالتحريك وهي الغنيمة . ذات بينكم : فيما بينكم . وجلت قلوبم : فزت وخافت . خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً الى المدينة بسبب مكر المشركين وتدبيرِهم أمر قتله ، وليكون للمسلمين دولة . وقد استقر بالمدينة ومن حوله المؤمنون من المهاجرين والانصار ، وكان لا بد من الجهاد لدفع الاعتداء ، ليكلا يُفتَن أهلُ الايمان . فكانت غزوة بدر ، وكان فيها النصر المبين والغنائم . وكان وراء الغنائم بعض الاختلاف في قسمتها وسؤال المؤمنين عنها ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات يعالج فيها نفوس بعض المسلمين لتطهيرها من الاختلاف الذي نشأ عن حب المال والتطلع الى المادة ، وهو من اكبر اسباب الفشل . فكان من مقتضيات الحكمة الإلهية ان يتلقّى المؤمنون في مبدأ حياتهم هذا الدرس القوي الذي يقتلع بذور الشح والطمع وحب المادة من قلوبهم . يسألونك أيها الرسول عن الغنائم . لمن هي ؟ وكيف تقسم ، أللشُبّان أم للشيوخ ؟ أو للمهاجرين هي ، أم للانصار ؟ ام لهم جميعا ؟ . قل لهم أيها الرسول : إنها لله والرسول ، والرسول بأمر ربه يتولى تقسيمها ، فاتركوا الاختلاف بشأنها ، واتقوا الله واجعلوا خوف الله وطاعته شِعاركم ، وأصلحوا ما بينكم فاجعلوا الصلاتِ بينكم محبة وعدلا . هذه صفةُ أهل الايمان . ثم وصف الله تعالى المؤمنين المخلصين في ايمانهم بأنهم هم الذين اجتمعت فيهم خصالٌ خمس : ( 1 ) { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } الذين اذا ذكَروا الله بقلوبهم فزِعوا لعظمته وسلطانه ، وامتلأت قلوبهم هيبة . ( 2 ) { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } وكلّما تليت عليهم آيات من القرآن ازداد إيمانهم رسوخا ، وازدادوا إذعاناً وعلما . ( 3 ) { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ولا يعتمدون الا على الله الذي خلَقَهم ، ولا يفوّضون أمرهم الى سواه . ومعنى التوكل : ان نسعى للعمل كما أمرنا الله راجين منه التوفيق في سعينا مؤمنين بان العمل شرط أساسيُّ للتوكل . ( 4 ) { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } واولئك المؤمنون الصادقون في ايمانهم ، يؤدون الصلاة مستوفية الاركان ، كاملة الخشوع والخضوع ، وبهذا تحصل ثمرة الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر . ( 5 ) { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } وينفقون بعض ما رزقناهم من المال في الجهاد والبِرِّ ومعاونة الضعفاء ، وفي مصالح الأمة ومرافقها العامة . { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً … } هؤلاء ، هم الذين يوصفون بالايمان حقا وصدقا . ولهم جزاؤهم درجات عالية عند الله ، وهو الذي يمنحهم رضاه ، ويغفر لهم سيئاتِهم ، ويرزقهم رزقاً طيباً كريما في الحياة الدنيا ، ونعيماً دائماً في الآخرة .