Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 16-25)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الشفق : الحمرة التي تشاهَد في الأفق الغربي بعد الغروب ، ويستمر الى قبيل العشاء ، والشفقُ : الشفقة . وسَقَ الليل الأشياء : جلّلها وجمعها ، وسقت النخلة : حملت . اتّسَق : اكتمل وتم نوره وصار بدرا . لتركبنّ طبقا عن طبق : لَتُلاَقُنَّ حالاً بعد حال ، بعضها أشدّ من بعض وهي الحياة ، والموت ، والبعث ، وأهوال القيامة . بما يوعون : بما يُضمِرون في نفوسهم من الإعراض والجحود والحسد والبغي . غير ممنون : غير مقطوع . بعد هذه الجولة العميقة الأثر بمشاهدِها ، لتأكيد أن الانسانَ راجع الى ربه يوم القيامة ، حيث يحاسَب حساباً يَسيرا أو عسيرا حسب أعماله - يُقسِم الله تعالى بآياتٍ له في الكائنات أنّ بعثَ الناس يوم القيامة كائن لا محالة . { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ … } تتكرر هذه العبارة في القرآنِ ، وهو أسلوبٌ يأتي عندما يكون الشيءُ الذي أقسَمَ الله عليه جليلَ القدر ، فيقول سبحانه : لا أُقسِم بهذه الأشياءِ على إثباتِ ما أريد لأن أمره ظاهر ، واثباته أعظمُ وأجلُّ من أن يقسَم عليه . وأول هذه الأمور الشفَق … ثم يأتي : فباللّيلِ وما وسَق ، أي ما جمعه من الكائنات التي تسكن فيه عن الحركة ، والقمرِ عندما يتم نوره ويصير بدراً كاملا … بحق هذه الأمور الثلاثة ، والتي لا يخفَى على الناس ما فيها من المنافع ، وما فيها من الآيات الناطقة بحكمة واضعِ نظامها - { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } وهنا جواب القسم : لتلاقُنَّ ايها الناس حالاً بعد حال ، رخاءً بعد شدة ، وسُقماً بعد صحة ، وغنًى بعد فقر ، منذ خَلْقِكم الى طفولتكم ، وشبابكم وشيخوختكم ، ثم موتكم ، ثم بعثكم يوم تُحشَرون إلى ربكم للحساب . ثم بعد ان ذكر الأدلة القاطعة على صحة البعث والحساب والجزاء أتى باسلوب فيه استفهام يقصد به التوبيخ . { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } . ما لهؤلاء الجاحدين لا يؤمنون بالله ، ولا يصدّقون بالبعث بعد وضوح الدلائل وقيام البراهين على وقوعه ! { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } … خضوعاً لربّ هذا الكون البديع ! وهنا موضع سجدة . لقد منعهم العنادُ والاستكبار من الإيمان ، فهم يفعلون ذلك تعالياً عن الحق ، ولذلك لا يخضعون عند تلاوته . { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } والله أعلمُ بما يكنّون في نفوسهم ، ويُضمرون في جوانحِهم من شر وإصرارٍ على الشرك . ثم يتجه الخطاب الى الرسول الكريم فيقول تعالى : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أيْ أخبِرْهم يا محمد عمّا ينتظرهم من عذاب . والتعبير بقوله : { فَبَشِّرْهُمْ } فيه تهكّم لاذع حيث استعمل البشارةَ مكان الإنذار . ثم يختم السورة الكريمة بما أعد للمؤمنين من أجرٍ دائم غير منقطع ، فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } بل هو دائم غير مقطوع عنهم في دار البقاء ، ولَنِعم دار المتقين . قراءات قرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، لتركبَن بفتح الباء والخطاب الى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الباقون ، لتركبُنّ بضم الباء والخطاب للجميع .