Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 67-70)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنكر : كل ما تستنكره الفطرة السليمة ويستقبحه الشرع ، وضده المعروف . نسوا الله فنسيهم : تركوا طاعة الله فجازاهم على نسيانهم بحرمانهم من الثواب . بخلاقهم : بنصيبهم خضتم : دخلتم في الباطل . حبطت اعمالهم : فسدت وذهبت . اصحاب مدْين : قوم شُعيب . المؤتفكات : قوم لوط . { ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } . ان اهل النفاق ، رجالاً ونساءً ، يتشابهون في صفِاتهم وأخلاقهم وأعمالهم ، فهم يفعلون القبيح ويأمرون به ، كالكذِب والخيانة وإخلافِ الوعد ونقض العهد . وفيه الحديث الصحيح عن ابي هريرة : " آيةُ المنافق ثلاث : إذا حدَّث كَذَب ، واذا وعد أخلَف ، واذا ائتِمُنَ خان " رواه البخاري ومسلم . وينهَون عن المعروف كالجِهاد في سبيل الله وبذْلِ المال ، وهو الذي عبَّر عنه بقوله : { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } أي يبخلون في بذْل المال في سبيل الله . { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } . تركوا طاعةَ الله وخالفوا أوامره فجازاهم الله تعالى بحِرمانهم من رحمته ونسِيَهم ، فلا وزنَ لهم ولا اعتبار . إنّهم خارجون عن الايمان ، منحروف عن الصراط المستقيم ، ولذلك وعدهم الله مصيراً كمصير الكفار ، وبيَّن ما أعدّ لهم ولأمثالهم من العقاب جزاءً لهم فقال : { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } . وعد الله هؤلاء جميعاً نارَ جهنّم يدخلونها ويَصْلَونها خالدين فيها لا يخرجون منها أبدا ، وهي حسبُهم عِقابا ، وعليهِم مع هذا العقاب غضبُ الله وعذابه الدائم . ثم بعد ذلك يذكِّر الله تعالى هؤلاء القومَ بما كان من أسلافهم ، ويبصِّرُهم بأنهم يسلكون طريقَهم ، ويحذّرهم أن يُلاقوا مصيرَهم ، لعلّهم يهتدون فيقول : { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } . إنكم أيها المنافقون كأولئك المناقين الّذين خَلَوْا من قبلِكم ، فإنهم كانوا أقوى منكم واكثّر اموالاً واولاداً ، وقد اسمتَعوا بما قُدِّرَ لهم من حظوظ الدنيا ، وأعرضوا عن ذِكر الله وتقواه ، وقابلوا أنبياءَهم بالاستخفافِ وسخِروا منهم فيما بينم وبين أنفسِهم . وقد استمتعتُم أنتم بما قُدر لكم من ملاذّ الدنيا ، وحَذَوْتم حذوهم ودخلتم في البالطل كما دخلوا ، وخضتم فيما خاضوا فيه ، وسلكتم سبيلَهم في طريق الضلال . { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } . إن أولئك المستمتعين بملذّاتهم في الدنيا ، والخائضين في الباطل ، بَطَلَت أعمالهم بطلانا أساسيا ، فلم تنفعْهم في الدنيا ولا في الآخرة ، وخسروا كل شيء وأنتم مثلهم في سوء الحال والمآل . ثم شاء ان ينبّههم ويحذرهم من سوء عاقبة اعمالهم ، فاتجه من خطابهم الى خطاب عام ، كأنما يَعجب من هؤلاء الذين يسيرون في طريق الهالكين ، لعلّهم يعتبرون بالذين خلّوا من قبلهم ، ويتّعِظون بهم ، فيقول : { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } . أفلا يعتبر المنافقون والكافرون بحال الذين سبقوهم ممن ساروا في نفس الطريق الخاطئة ، عَصَوا رسُلَهم وخالفوا أمر ربهم فأّخذهم العذاب ! ! ومن هؤلاء " قوم نوح " وقد غمرهم الطوفان وأغرقهم ، وقوم " عاد " وقد أُهلِكوا بريحٍ صَرْصر عاتيه ، و " ثمود " وقد أخذتْهم الصحيةُ ، و " قوم ابراهيم " وقد أهلَك الله طاغيتَهم المتجبّر الذي حاول إحراق ابراهيم ، " واصحاب مدين " وقد اصابتْهم الرجفةُ وخنقتْهم الظُلّة ، " والمؤتفكات " قرى قوم لوط ، وقد جعل الله عاليَها سافلَها وقطَع دابرَهم . ألم يأتِهم نبأ هؤلاء الذين " أتتهم رسُلُهم بالبينات " فكذّبوا بها ، فأخذهم الله بذنوبهم ! ! ، لقد ظلموا انفسَهم بكفرهم وتمرّدهم على الله ، وإن كثيراً ممن يبتليهم الله بالقوة والنِعمة لتغشَى ابصارَهم وبصائرهم غشاوة ، فلا يُبصرون مصارع الاقوياء قبلهم .