Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 73-74)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الغلظة : الخشونة والشدة في المعاملة . وهموا بما لم ينالوا : ارادوا ان يعملوا شيئا لم يستطيعوا . وما نقموا : ما انكروا وعابوا . بعد ان بيّن صفاتِ المؤمنين الصادقين ، وصفةَ المنافقين الذين يدّعون الإيمان ، اعاد الكرّة الى تهديد المنافقين وإنذارِهم بالجهاد كالكفار المجاهرين بكفرهم ، فان هؤلاء المنافقين قالوا كلمة الكفر ، وكفروا بعد اسلامهم ، وهموا بأمر خيَّبهم الله فيه . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . يا ايها النبيّ ثابرْ على جهادِك في رَدْع الكفار عن كفرهم ، والمنافقين عن نفاقهم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُلاينُ المنافقين ، ويصفح عنهم كثيرا . لكن هذا كله لم يجد معهم ، فأمره الله تعالى ان يعاملَهم بالشدّة والغِلظة لعلها تربيّهم وتردعهم ، أما مآلُهم الذي أعدّه الله لهم في الآخرة فهو جنهم وبئس المصير . ثم ذكر الله سبحانه الجرائم الموجبةَ لجهادهم كالكفّار ، وهي أنهم أظهروا الكفرَ بالقول وهموا بشرِّ ما يُغري به من الفعل ، وهو الفتكُ برسول الله وهو عائد من تبوك . فقد تآمر بعض منهم على ان يفتكوا به عند عَقَبةٍ في الطريق ، لكنه تنبّه وأخذَ الحَيْطة ونجّاه الله منهم . { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } . يحلف المنافقون أمامك يا محمد بالله أنهم ما قالوا منكَراً مما بلغَك عنهم ، لكنهم كاذبون في الإنكار ، فقد قالوا كلمةَ الكفر التي رويتْ عنهم ، وظهر كفرهم بعد ان كانوا يتظاهرون بالاسلام . بل إنهم همّوا بما لم ينالوا . وهذا ما رواه كثير من أئمة الحديث ، " أنهم أرادوا ان يغتالوا رسول الله في منصرَفَه من تبوك عند العقبة على الطريق ، وقد احتاط الرسولُ لذلك وأمر عمّار بن ياسر وحُذَيفة بن اليمان ان يكونا معه حتى اجتاز المكان . ولما غِشِيَه المتآمرون كانا منتبهَين فنجا رسول الله . وقد عرفهم حذيفة ، وكانوا اثني عشر رجلاً كما في صحيح مسلم . وحاول بعض الصحابة ان يقتلهم فلم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال : لا اريد ان يتحدّث الناس بأن محمداً قتل أصحابه " . { وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } . ما كان سبب نقمتهم على الرسول الا بَطَراً بالنعمة ، بعد ان أغناهم الله ورسوله بما حَصَلوا عليه من الغنائم التي شاركوا فيها المسلمين . { فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } . فان يرجعوا الى الله بِتَرْكِ النفاق والندمِ على ما كان منهم يَقْبَلِ اللهُ توبتهم ، ويكون ذلك خيراً لهم ، وان يُعرضوا عن الإيمان يعذّبهم الله في الدنيا بمختلف ألوان البلاء ، وفي الآخرة بنار جهنم . { وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } . وليس في الأرض من يدافع عنهم او يشفع لهم وينصرهم .