Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 28-30)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس ، وبر وفاجر كقوله { وَحَشَرْنَـٰهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } الكهف 47 ، { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } الآية ، أي الزموا أنتم وهم مكاناً معيناً امتازوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } يس 59 وقوله { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } الروم 14 وفي الآية الأخرى { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } الروم 43 أي يصيرون صدعين ، وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ، ولهذا قيل ذلك يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا ، وفي الحديث الآخر " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس " وقال الله تعالى في هذه الآية الكريمة إخباراً عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة { مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } الآية ، أنهم أنكروا عبادتهم ، وتبرؤوا منهم كقوله { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ } مريم 82 الآية وقوله { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } البقرة 166 وقوله { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَـٰفِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } الأحقاف5 - 6 الآية ، وقوله في هذه الآية إخباراً عن قول الشركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } الآية ، أي ما كنا نشعر بها ولا نعلم بها ، وإنما كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم ، والله شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ، ولا أمرناكم بها ، ولا رضينا منكم بذلك . وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ممن لا يسمع ولا يبصر ، ولا يغني عنهم شيئاً ، ولم يأمرهم بذلك ، ولا رضي به ، ولا أراده ، بل تبرأ منهم وقت أحوج ما يكونون إليه ، وقد تركوا عبادة الحي القيوم السميع البصير القادر على كل شيء ، العليم بكل شيء ، وقد أرسل رسله ، وأنزل كتبه آمراً بعبادته وحده لا شريك له ، ناهياً عن عبادة ما سواه كما قال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلَـٰلَةُ } النحل 36 وقال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 وقال { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ } الزخرف45 والمشركون أنواع وأقسام كثيرون ، قد ذكرهم الله في كتابه ، وبين أحوالهم وأقوالهم ، ورد عليهم فيما هم فيه أتم رد ، وقال تعالى { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس ، وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر كقوله تعالى { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } الطارق 9 وقال تعالى { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } القيامة 13 وقال تعالى { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَابًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُورًا . ٱقْرَأْ كَتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } الإسراء13 - 14 وقد قرأ بعضهم هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت وفسرها بعضهم بالقراءة ، وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمت من خير وشر ، وفسرها بعضهم بحديث " لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث ، وقوله { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقِّ } أي ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ، ففصلها ، وأدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار { وَضَلَّ عَنْهُمْ } أي ذهب عن المشركين { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه .