Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 71-73)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } أي أخبرهم واقصص عليهم ، أي على كفار مكة الذين يكذبونك ويخالفونك { نَبَأَ نُوحٍ } أي خبره مع قومه الذين كذبوه كيف أهلكهم الله ، ودمرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } أي عظم عليكم { مَّقَامِى } أي فيكم بين أظهركم { وَتَذْكِيرِى } إياكم { بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي بحججه وبراهينه { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي فإني لا أبالي ولا أكف عنكم ، سواء عظم عليكم أو لا { فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ } أي فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الذين تدعون من دون الله من صنم ووثن { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي لا تجعلوا أمركم عليكم ملتبساً ، بل افصلوا حالكم معي ، فإن كنتم تزعمون أنكم محقون ، فاقضوا إلي { وَلاَ تُنظِرُونَ } أي ولا تؤخروني ساعة واحدة ، أي مهما قدرتم فافعلوا ، فإني لا أباليكم ، ولا أخاف منكم لأنكم لستم على شيء كما قال هود لقومه { إِنِّىۤ أُشْهِدُ ٱللَّهِ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّى بَرِىۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُون إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُمْ } هود 54 - 56 الآية . وقوله { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي كذبتم وأدبرتم عن الطاعة { فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ } أي لم أطلب على نصحي إياكم شيئاً { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام لله عز وجل ، والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً من أولهم إلى آخرهم ، وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم كما قال تعالى { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَـٰجاً } المائدة 48 قال ابن عباس سبيلاً وسنة فهذا نوح يقول { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } وقال تعالى عن إبراهيم الخليل { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَٰهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَـٰبَنِىَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } البقرة131 - 132 وقال يوسف { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِى مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ أَنتَ وَلِىِّ فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلاَْخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَ } يوسف 101 وقال موسى { يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءامَنْتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ } يونس 84 وقال السحرة { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } الأعراف 126 وقالت بلقيس { قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } النمل 44 . وقال تعالى { إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ } المائدة 44 وقال تعالى { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ ءَامِنُواْ بِى وَبِرَسُولِى قَالُوۤاْ ءَامَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } المائدة 111 وقال خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم { إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } الأنعام161 - 162 أي من هذه الأمة ، ولهذا قال في الحديث الثابت عنه " نحن معشر الأنبياء أولاد علات ، وديننا واحد " أي وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وإن تنوعت شرائعنا ، وذلك معنى قوله أولاد علات ، وهم الإخوة من أمهات شتى ، والأب واحد . وقوله تعالى { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ } أي على دينه { فِي ٱلْفُلْكِ } وهي السفينة { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } أي في الأرض { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } أي يا محمد كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذبين .