Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 80-81)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن نبيه لوط عليه السلام إن لوطاً توعدهم بقوله { لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً } الآية ، أي لكنت نكلت بكم ، وفعلت بكم الأفاعيل بنفسي وعشيرتي ، ولهذا ورد في الحديث من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " رحمة الله على لوط ، لقد كان يأوي إِلى ركن شديد - يعني الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إِلا في ثروة من قومه " فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إِليهم ، وأنهم لا وصول لهم إليه { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ } وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل ، وأن يتبع أدبارهم ، أي يكون ساقة لأهله { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } أي إِذا سمعت ما نزل بهم ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة ، ولكن استمروا ذاهبين { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } قال الأكثرون هو استثناء من المثبت ، وهو قوله { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } تقديره { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } وكذلك قرأها ابن مسعود ، ونصب هؤلاء امرأتك لأنه من مثبت ، فوجب نصبه عندهم ، وقال آخرون من القراء والنحاة هو استثناء من قوله { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } فجوزوا الرفع والنصب . وذكر هؤلاء أنها خرجت معهم ، وأنها لما سمعت الوجبة ، التفتت ، وقالت واقوماه فجاءها حجر من السماء ، فقتلها ، ثم قربوا له هلاك قومه تبشيراً له لأنه قال لهم أهلكوهم الساعة ، فقالوا { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } هذا وقوم لوط وقوف على الباب عكوف قد جاؤوا يهرعون إِليه من كل جانب ، ولوط واقف على الباب يدافعهم ويردعهم ، وينهاهم عما هم فيه ، وهم لا يقبلون منه ، بل يتوعدونه ويتهددونه ، فعند ذلك خرج عليهم جبريل عليه السلام ، فضرب وجوههم بجناحه ، فطمس أعينهم ، فرجعوا وهم لا يهتدون الطريق كما قال تعالى { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } القمر 37 الآية وقال معمر عن قتادة عن حذيفة بن اليمان قال كان إِبراهيم عليه السلام يأتي قوم لوط ، فيقول أنهاكم الله أن تعرضوا لعقوبته ، فلم يطيعوه ، حتى إِذا بلغ الكتاب أجله ، انتهت الملائكة إِلى لوط ، وهو يعمل في أرض له ، فدعاهم إِلى الضيافة ، فقالوا إِنا ضيوفك الليلة ، وكان الله قد عهد إِلى جبريل ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات ، فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ، ذكر ما يعمل قومه من الشر ، فمشى معهم ساعة ، ثم التفت إِليهم فقال أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض شراً منهم ، أين أذهب بكم ؟ إِلى قومي ، وهم أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إِلى الملائكة ، فقال احفظوها ، هذه واحدة ، ثم مشى معهم ساعة ، فلما توسط القرية ، وأشفق عليهم ، واستحيا منهم ، قال أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض أشر منهم ، إن قومي أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إِلى الملائكة فقال احفظوها ، هاتان اثنتان ، فلما انتهى إِلى باب االدار ، بكى حياء منهم وشفقة عليهم ، فقال إِن قومي أشر خلق الله ؟ أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شراً منهم . فقال جبريل للملائكة احفظوا ، هذه ثلاث ، قد حق العذاب . فلما دخلوا ، ذهبت عجوز السوء ، فصعدت ، فلوحت بثوبها ، فأتاها الفساق يهرعون سراعاً ، قالوا ما عندك ؟ قالت ضَيَّف لوط قوماً ما رأيت قط أحسن وجوهاً منهم ، ولا أطيب ريحاً منهم ، فهرعوا يسارعون إِلى الباب ، فعالجهم لوط على الباب ، فدافعوه طويلاً ، وهو داخل وهم خارج ، يناشدهم الله ويقول { هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } فقام الملك فلز بالباب - يقول فشده - واستأذن جبريل في عقوبتهم ، فأذن الله له ، فقام في الصورة التي يكون فيها في السماء ، فنشر جناحه - ولجبريل جناحان - وعليه وشاح من در منظوم ، وهو براق الثنايا أجلى الجبين ، ورأسه حُبُك حبك مثل المرجان ، وهو اللؤلؤ كأنه الثلج ، ورجلاه إلى الخضرة فقال يا لوط { إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ } امض يا لوط عن الباب ، ودعني وإِياهم ، فتنحى لوط عن الباب ، فخرج إِليهم فنشر جناحه ، فضرب به وجوههم ضربة شدخ أعينهم ، فصاروا عمياً لا يعرفون الطريق ، ثم أمر لوط ، فاحتمل بأهله في ليلته قال { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيْلِ } وروي عن محمد بن كعب وقتادة والسدي نحو هذا .