Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 82-83)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } وكان ذلك عند طلوع الشمس { جَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا } وهي سدوم { سَافِلَهَا } كقوله { فَغَشَّـٰهَا مَا غَشَّىٰ } النجم 54 أي أمطرنا عليها حجارة من سجيل ، وهي بالفارسية حجارة من طين ، قاله ابن عباس وغيره . وقال بعضهم أي من « سنك » ، وهو الحجر ، و « كل » ، وهو الطين ، وقد قال في الآية الأخرى حجارة من طين ، أي مستحجرة قوية شديدة ، وقال بعضهم مشوية ، وقال البخاري سجيل الشديد الكبير ، سجيل وسجين ، اللام والنون أختان ، وقال تميم بن مقبل @ وَرَجْلَةٍ يَضْربونَ البَيْضَ ضاحِيَةً ضَرْباً تواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا @@ وقوله { مَّنْضُودٍ } قال بعضهم في السماء ، أي معدة لذلك . وقال آخرون { مَّنْضُودٍ } أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم . وقوله { مُّسَوَّمَةً } أي معلمة مختومة ، عليها أسماء أصحابها ، كل حجر مكتوب عليه اسم الذي ينزل عليه . وقال قتادة وعكرمة { مُّسَوَّمَةً } مطوقة ، بها نَضْح من حُمْرة . وذكروا أنها نزلت على أهل البلد ، وعلى المتفرقين في القرى مما حولها ، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدث ، إِذ جاءه حجر من السماء ، فسقط عليه من بين الناس ، فدمره ، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد حتى أهلكتهم عن آخرهم ، فلم يبق منهم أحد ، وقال مجاهد أخذ جبريل قوم لوط من سرحهم ودورهم ، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم ، ورفعهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، ثم أكفأهم ، وقال كان حملهم على خوافي جناحه الأيمن . قال ولما قلبها ، كان أول ما سقط منها شُذَّانُها ، وقال قتادة بلغنا أن جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى ، ثم ألوى بها إِلى جو السماء ، حتى سمع أهل السماء ضواغي كلابهم ، ثم دمر بعضهم على بعض ، ثم أتبع شذاذ القوم صخراً . قال وذكر لنا أنهم كانوا أربع قرى ، في كل قرية مائة ألف ، وفي رواية ثلاث قرى ، الكبرى منها سدوم ، قال وبلغنا أن إِبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم ، ويقول سدوم يوم هالك . وفي رواية عن قتادة وغيره قال وبلغنا أن جبريل عليه السلام لما أصبح نشر جناحه ، فانتسف به أرضهم بما فيها من قصورها ودوابها وحجارتها وشجرها ، وجميع ما فيها ، فضمها في جناحه ، فحواها وطواها في جوف جناحه ، ثم صعد بها إِلى السماء الدنيا ، حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب ، وكانوا أربعة آلاف ، ثم قلبها فأرسلها إِلى الأرض منكوسة ، ودمدم بعضها على بعض ، فجعل عاليها سافلها ، ثم أتبعها حجارة من سجيل ، وقال محمد بن كعب القرظي كانت قرى قوم لوط خمسَ قريات سدوم ، وهي العظمى ، وصعبة ، وصعوة ، وعثرة ، ودوما ، احتملها جبريل بجناحه ، ثم صعد بها ، حتى إِن أهل السماء الدنيا ليسمعون نابحة كلابها وأصوات دجاجها ، ثم كفأها على وجهها ، ثم أتبعها الله بالحجارة ، يقول الله تعالى { جَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات ، وقال السدي لما أصبح قوم لوط ، نزل جبريل فاقتلع الأرض من سبع أرضين ، فحملها حتى بلغ بها السماء ، حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ، ثم قلبها فقتلهم ، فذلك قوله { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } النجم 53 ومن لم يمت حين سقط للأرض أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة ، ومن كان منهم شاذاً في الأرض ، يتبعهم في القرى ، فكان الرجل يتحدث ، فيأتيه الحجر فيقتله ، فذلك قوله عز وجل { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي في القرى حجارة من سجيل ، هكذا قال السدي . وقوله { وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ } أي وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه ، وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن ابن عباس مرفوعاً " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به " وذهب الإمام الشافعي في قول عنه ، وجماعة من العلماء ، إِلى أن اللائط يقتل ، سواء كان محصناً أو غير محصن عملاً بهذا الحديث ، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق ، ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .