Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 15-15)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى فلما ذهب به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك { وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ } هذا فيه تعظيم لما فعلوه ، أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه في أسفل ذلك الجب ، وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له إكراماً له ، وبسطاً وشرحاً لصدره ، وإدخالاً للسرور عليه ، فيقال إن يعقوب عليه السلام لما بعثه معهم ، ضمه إليه ، وقبله ، ودعا له ، وذكر السدي وغيره أنه لم يكن بين إكرامهم له وبين إظهار الأذى له إلا أن غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه ، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه ، والفعل من ضرب ونحوه ، ثم جاؤوا به إلى ذلك الجب الذي اتفقوا على رميه فيه ، فربطوه بحبل ، ودلوه فيه ، فكان إذا لجأ إلى واحد منهم لطمه وشتمه ، وإذا تشبث بحافات البئر ، ضربوا على يديه ، ثم قطعوا به الحبل من نصف المسافة ، فسقط في الماء فغمره ، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه يقال لها الراغوفة ، فقام فوقها . وقوله { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ، يقول تعالى ذاكراً لطفه ورحمته وعائدته وإنزاله اليسر في حال العسر إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق تطييباً لقلبه وتثبيتاً له ، إنك لا تحزن مما أنت فيه ، فإن لك من ذلك فرجاً ومخرجاً حسناً ، وسينصرك الله عليهم ويعليك ، ويرفع درجتك ، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع ، وقوله { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } . قال مجاهد وقتادة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بإيحاء الله إليه . وقال ابن عباس ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك ، وهم لا يعرفونك ، ولا يستشعرون بك ، كما قال ابن جرير حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي عن أبيه ، سمعت ابن عباس يقول لما دخل إخوة يوسف عليه ، فعرفهم وهم له منكرون ، قال جيء بالصواع ، فوضعه على يده ، ثم نقره فطن ، فقال إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف ، يدنيه دونكم ، وأنكم انطلقتم به ، وألقيتموه في غيابة الجب ، قال ثم نقره فطن ، قال فأتيتم أباكم فقلتم إن الذئب أكله ، وجئتم على قميصه بدم كذب ، قال فقال بعضهم لبعض إن هذا الجام ليخبره بخبركم . قال ابن عباس فلا نرى هذه الآية نزلت إلا فيهم { لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } .