Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 83-86)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال لهم كما قال لهم حين جاؤوا على قميص يوسف بدم كذب { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } قال محمد بن إسحاق لما جاؤوا يعقوب ، وأخبروه بما جرى ، اتهمهم ، فظن أنها كفعلتهم بيوسف ، قال { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } وقال بعض الناس لما كان صنيعهم هذا مرتباً على فعلهم الأول ، سحب حكم الأول عليه ، وصح قوله { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } ثم ترجى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة يوسف ، وأخاه بنيامين ، وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه ، إما أن يرضى عنه أبوه ، فيأمره بالرجوع إليه ، وإما أن يأخذ أخاه خفية ، ولهذا قال { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } أي العليم بحالي ، { ٱلْحَكِيمُ } في أفعاله وقضائه وقدره ، { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } أي أعرض عن بنيه ، وقال متذكراً حزن يوسف القديم الأول { يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } جدد له حزن الابنين الحزن الدفين ، قال عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن سفيان العصفري ، عن سعيد بن جبير أنه قال لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع ، ألا تسمعون إلى قول يعقوب عليه السلام { يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } أي ساكت ، لا يشكو أمره إلى مخلوق ، قاله قتادة وغيره . وقال الضحاك فهو كظيم كئيب حزين . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن داود عليه السلام قال يا رب إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فاجعلني لهم رابعاً ، فأوحى الله تعالى إليه أن يا داود إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن يعقوب أخذت منه حبيبه فابيضت عيناه من الحزن فصبر ، وتلك بلية لم تنلك " وهذا مرسل ، وفيه نكارة فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح ، ولكن علي بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة ، والله أعلم ، وأقرب ما في هذا أن الأحنف بن قيس رحمه الله حكاه عن بعض بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما ، والله أعلم ، فإن بني إسرائيل ينقلون أن يعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له في رد ابنه ، ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء ، فإبراهيم ابتلي بالنار ، وإسحاق بالذبح ، ويعقوب بفراق يوسف ، في حديث طويل لا يصح ، والله أعلم ، فعند ذلك رق له بنوه ، وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه { قَالُواْ تَالله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ } أي لا تفارق تذكر يوسف { حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً } أي ضعيف القوة { أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَـٰلِكِينَ } يقولون إن استمر بك هذا الحال ، خشينا عليك الهلاك والتلف { قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى إِلَى ٱللَّهِ } أي أجابهم عما قالوا بقوله { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّى وَحُزْنِى } أي همي وما أنا فيه { إِلَى ٱللَّهِ } وحده ، { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أرجو منه كل خير ، وعن ابن عباس { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني رؤيا يوسف أنها صدق ، وأن الله لا بد أن يظهرها ، وقال العوفي عنه في الآية أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وأني سوف أسجد له . وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غَنَيَّة عن حفص بن عمر بن أبي الزبير ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان ليعقوب النبي عليه السلام أخ مؤاخ له ، فقال له ذات يوم ما الذي أذهب بصرك ، وقوس ظهرك ؟ قال أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف ، وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين ، فأتاه جبريل عليه السلام ، فقال يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ، ويقول لك أما تستحي أن تشكوني إلى غيري ؟ فقال يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ، فقال جبريل عليه السلام الله أعلم بما تشكو " وهذا حديث غريب فيه نكارة .