Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 47-48)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مقرراً لوعده ومؤكداً { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } أي من نصرتهم في الحياة الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد ، ثم أخبر تعالى أنه ذو عزة ، لا يمتنع عليه شيء أراده ، ولا يغالب ، وذو انتقام ممن كفر به وجحده { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } المرسلات 15 ، ولهذا قال { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } أي وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض ، وهي هذه ، على غير الصفة المألوفة المعروفة ، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيّ ، ليس فيها مَعْلَم لأحد " وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن أبي عَدِيّ عن داود عن الشعبي عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قالت قلت أين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال " على الصراط " ، رواه مسلم منفرداً به دون البخاري ، والترمذي وابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به ، وقال الترمذي حسن صحيح ، ورواه أحمد أيضاً عن عفان عن وهيب عن داود ، عن الشعبي ، عنها ، ولم يذكر مسروقاً . وقال قتادة عن حسان بن بلال المزني عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قالت قلت يا رسول الله فأين الناس يومئذ ؟ قال " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي ، ذاك أن الناس على جسر جهنم " وروى الإمام أحمد من حديث حبيب بن أبي عمرة عن مجاهد ، عن ابن عباس حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } الزمر 67 فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال " هم على متن جهنم " وقال ابن جرير حدثنا الحسن ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا القاسم ، سمعت الحسن قال قالت عائشة يا رسول الله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } فأين الناس يومئذ ؟ قال " إن هذا شيء ما سألني عنه أحد - قال - على الصراط يا عائشة " ، ورواه أحمد عن عفان عن القاسم بن الفضل ، عن الحسن به . وقال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه حدثني الحسن بن علي الحلواني ، حدثني أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام عن زيد ، يعني أخاه أنه سمع أبا سلام ، حدثني أبو أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال كنت نائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار اليهود ، فقال السلام عليك يا محمد ، فدفعته دفعة كاد يصرع منها ، فقال لم تدفعني ؟ فقلت ألا تقول يا رسول الله ؟ فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي " فقال اليهودي جئت أسألك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أينفعك شيئاً إن حدثتك ؟ " قال أسمع بأذني ، فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه ، فقال " سل " فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هم في الظلمة دون الجسر " قال فمن أول الناس إجازة ؟ فقال " فقراء المهاجرين " ، فقال اليهودي فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال " زيادة كبد النون " قال فما غذاؤهم في أثرها ؟ قال " ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " قال فما شرابهم عليه ؟ قال " من عين فيها تسمى سلسبيلاً " قال صدقت ، قال وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان ، قال " أينفعك إن حدثتك ؟ " قال أسمع بأذني . قال جئت أسألك عن الولد ، قال " ماء الرجل أبيض ، وماء المرأة أصفر ، فإذا اجتمعا ، فعلا مني الرجل منيّ المرأة ، أذكرا بإِذن الله تعالى ، وإذا علا منيّ المرأة مني الرجل ، أنثا بإذن الله " قال اليهودي لقد صدقت ، وإنك لنبي ، ثم انصرف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه ، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به " قال أبو جعفر بن جرير الطبري حدثنا ابن عوف ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، أن حبراً من اليهود سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت إذ يقول الله تعالى في كتابه { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } فأين الخلق عند ذلك ؟ فقال " أضياف الله ، فلن يعجزهم ما لديه " ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به . وقال شعبة أخبرنا أبو إسحاق ، سمعت عمرو بن ميمون ، وربما قال قال عبد الله ، وربما لم يقل ، فقلت له عن عبد الله ؟ فقال سمعت عمرو بن ميمون يقول { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال أرض كالفضة البيضاء نقية ، لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا ، قال أراه قال قياماً حتى يلجمهم العرق . وروي من وجه آخر عن شعبة عن إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود بنحوه ، وكذا رواه عاصم عن زر عن ابن مسعود به . وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون لم يخبر به ، أورد ذلك كله ابن جرير . وقد قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ، حدثنا سهل بن حماد أبو عَتَّاب ، حدثنا جرير بن أيوب عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال " أرض بيضاء لم يسفك عليها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة " ثم قال لا نعلم رفعه إلا جرير بن أيوب ، وليس بالقوي ، ثم قال ابن جرير حدثنا أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام عن سنان عن جابر الجعفي ، عن أبي جبيرة عن زيد قال أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود ، فقال " هل تدرون لم أرسلت إليهم ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم ، قال " فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة " فلما جاؤوا سألهم ، فقالوا تكون بيضاء مثل النقي ، وهكذا روي عن علي وابن عباس وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر أنها تبدل يوم القيامة بأرض بيضاء من فضة . وعن علي رضي الله عنه أنه قال تصير الأرض فضة والسموات ذهباً . وقال الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب ، قال تصير السمٰوات جناناً . وقال أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي أو عن محمد بن قيس في قوله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم ، وكذا روى وكيع عن عمر بن بشير الهمداني عن سعيد بن جبير في قوله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال تبدل الأرض خبزة بيضاء ، يأكل المؤمن من تحت قدميه . وقال الأعمش عن خيثم قال قال عبد الله بن مسعود الأرض يوم القيامة كلها نار ، والجنة من ورائها ، ترى كواعبها ، وأكوابها ، ويلجم الناس العرق ، أو يبلغ منهم العرق ، ولم يبلغوا الحساب . وقال الأعمش أيضاً عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال قال عبد الله الأرض كلها نار يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها ، والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترسخ في الأرض قدمه ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب ، قالوا مم ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال مما يرى الناس ويلقون . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن كعب في قوله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قال تصير السمٰوات جناناً ، ويصير مكان البحر ناراً ، وتبدل الأرض غيرها . وفي الحديث الذي رواه أبو داود " لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر ، فإن تحت البحر ناراً أو تحت النار بحراً " وفي حديث الصور المشهور المروي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يبدل الله الأرض غير الأرض ، والسمٰوات ، فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي ، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ، ثم يزجر الله الخلق زجرة ، فإذا هم في هذه المبدلة " وقوله { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ } أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم لله { ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } أي الذي قهر كل شيء وغلبه ، ودانت له الرقاب ، وخضعت له الألباب .