Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 49-51)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } وتبرز الخلائق لديانها ، ترى يا محمد يومئذ المجرمين ، وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم { مُّقَرَّنِينَ } أي بعضهم إلى بعض ، قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم ، كل صنف إلى صنف ، كما قال تعالى { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَٰجَهُمْ } الصافات 22 وقال { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } التكوير 7 وقال { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } الفرقان 13 وقال { وَٱلشَّيَـٰطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى ٱلأَصْفَادِ } ص37 - 38 والأصفاد هي القيود ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والأعمش وعبد الرحمن بن زيد ، وهو مشهور في اللغة ، قال عمرو بن كلثوم @ فَآبُوا بالثيابِ وبالسَّبايا وأُبْنا بالمُلوكِ مُصَفَّدِينا @@ وقوله { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران ، وهو الذي تهنأ به الإبل ، أي تطلى ، قال قتادة وهو ألصق شيء بالنار . ويقال فيه قطران ، بفتح القاف وكسر الطاء وتسكينها ، وبكسر القاف وتسكين الطاء ، ومنه قول أبي النجم @ كَأَنَّ قطْراناً إذا تَلاها تَرْمي بهِ الريحُ إلى مَجْراها @@ وكان ابن عباس يقول القطران هنا النحاس المذاب ، وربما قرأها { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } أي من نحاس حار قد انتهى حره ، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة . وقوله { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } كقوله { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَـٰلِحُونَ } المؤمنون 104 وقال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا يحيى بن إسحاق ، أنبأنا أبان بن يزيد عن يحيى ابن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام ، عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع من أمر الجاهلية لا يُتْرَكن الفخر بالأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة على الميت ، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ، ودرع من جرب " انفرد بإخراجه مسلم . وفي حديث القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " النائحة إذا لم تتب ، توقف في طريق بين الجنة والنار ، وسرابيلها من قطران ، وتغشى وجهها النار " وقوله { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي يوم القيامة كما قال { لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ } النجم 31 الآية ، { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } يحتمل أن يكون كقوله تعالى { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } الأنبياء 1 ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النجاز لأنه يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه خافية ، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم كقوله تعالى { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَٰحِدَةٍ } لقمان 28 وهذا معنى قول مجاهد { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } إحصاء ، ويحتمل ان يكون المعنيان مرادين ، والله أعلم .