Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 6-8)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن موسى ، حين ذكر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم ، إذ أنجاهم من آل فرعون ، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال ، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم ، ويتركون إناثهم ، فأنقذهم الله من ذلك ، وهذه نعمة عظيمة ، ولهذا قال { وَفِى ذَٰلِكُمْ بَلاَۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك ، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها ، وقيل وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل { بَلاَۤءٌ } أي اختبار عظيم ، ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا ، والله أعلم كقوله تعالى { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الأعراف 168 . وقوله { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم ، ويحتمل أن يكون المعنى وإذ أقسم ربكم ، وآلى بعزته وجلاله وكبريائه كقوله تعالى { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } الأعراف 167 . وقوله { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } أي لئن شكرتم نعمتي عليكم ، لأزيدنكم منها ، { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها { إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ } ، وذلك بسلبها عنهم ، وعقابه إياهم على كفرها ، وقد جاء في الحديث " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " وفي المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به سائل ، فأعطاه تمرة ، فسخطها ولم يقبلها ، ثم مر به آخر فأعطاه إياها ، فقبلها ، وقال تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بأربعين درهماً ، أو كما قال . قال الإمام أحمد حدثنا أسود ، حدثنا عمارة الصيدلاني عن ثابت عن أنس ، قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل ، فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها قال وأتاه آخر فأمر له بتمرة ، فقال سبحان الله تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للجارية " اذهبي إلى أم سلمة ، فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها " تفرد به الإمام أحمد ، وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان . وقال ابن معين صالح . وقال أبو زرعة لا بأس به . وقال أبو حاتم يكتب حديثه ، ولا يحتج به ، ليس بالمتين . وقال البخاري ربما يضطرب في حديثه ، وعن أحمد أيضاً أنه قال روى أحاديث منكرة . وقال أبو داود ليس بذاك ، وضعفه الدارقطني . وقال ابن عدي لا بأس به ، ممن يكتب حديثه . وقوله تعالى { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ } أي هو غني عن شكر عباده ، وهو الحميد المحمود ، وإن كفره من كفره كقوله { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ } الزمر 7 الآية . وقوله { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ غَنِىٌّ حَمِيدٌ } التغابن 6 . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر " فسبحانه وتعالى الغني الحميد .