Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 16-20)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى خلقه السماء في ارتفاعها ، وما زينها به من الكواكب الثوابت والسيارات ، لمن تأمل وكرر النظر فيما يرى من العجائب والآيات الباهرات ، ما يحار نظره فيه ، وبهذا قال مجاهد وقتادة البروج ههنا هي الكواكب . قلت وهذا كقوله تبارك وتعالى { تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } الفرقان 61 الآية . ومنهم من قال البروج هي منازل الشمس والقمر . وقال عطية العوفي البروج ههنا هي قصور الحرس . وجعل الشهب حرساً لها من مردة الشياطين لئلا يسمعوا إلى الملأ الأعلى ، فمن تمرد وتقدم منهم لاستراق السمع ، جاءه شهاب مبين فأتلفه ، فربما يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب إلى الذي هو دونه ، فيأخذها الآخر ، ويأتي بها إلى وليه ، كما جاء مصرحاً به في الصحيح . كما قال البخاري في تفسير هذه الآية حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة ، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان - قال علي وقال غيره صفوان ينفذهم ذلك - فإذا فزع عن قلوبهم ، قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال الحق ، وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقو السمع هكذا ، واحد فوق آخر - ووصف سفيان بيده ، وفرج بين أصابع يده اليمنى ، نصبها بعضها فوق بعض - فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه ، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض - وربما قال سفيان حتى تنتهي إلى الأرض - فتلقى على فم الساحر أو الكاهن ، فيكذب معها مائة كذبة ، فيصدق ، فيقولون ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا ، فوجدناه حقاً للكلمة التي سمعت من السماء " ثم ذكر تعالى خلقه الأرض ومده إياها وتوسيعها وبسطها ، وما جعل فيها من الجبال الرواسي ، والأودية والأراضي والرمال ، وما أنبت فيها من الزروع والثمار المتناسبة . وقال ابن عباس { مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْزُونٍ } أي معلوم ، وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وأبو مالك ومجاهد والحكم بن عتيبة والحسن بن محمد وأبو صالح وقتادة ، ومنهم من يقول مقدر بقدر . وقال ابن زيد من كل شيء يوزن ، ويقدر بقدر ، وقال ابن زيد ما يزنه أهل الأسواق . وقوله { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَـٰيِشَ } يذكر تعالى أنه صرفهم في الأرض في صنوف الأسباب والمعايش ، وهي جمع معيشة . وقوله { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَٰزِقِينَ } قال مجاهد هي الدواب والأنعام . وقال ابن جرير هم العبيد والإماء والدواب والأنعام ، والقصد أنه تعالى يمتن عليهم بما يسر لهم من أسباب المكاسب ووجوه الأسباب وصنوف المعايش ، وبما سخر لهم من الدواب التي يركبونها ، والأنعام التي يأكلونها ، والعبيد والإماء التي يستخدمونها ، ورزقهم على خالقهم ، لا عليهم ، فلهم هم المنفعة ، والرزق على الله تعالى .