Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 41-42)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته ، الذين فارقوا الدار والإخوان والخلان رجاء ثواب الله وجزائه ، ويحتمل أن يكون سبب نزولها في مهاجرة الحبشة الذين اشتد أذى قومهم لهم بمكة حتى خرجوا من بين أظهرهم إلى بلاد الحبشة ليتمكنوا من عبادة ربهم ، ومن أشرافهم عثمان بن عفان ، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول ، وأبو سلمة بن عبد الأسود في جماعة قريب من ثمانين ما بين رجل وامرأة ، صديق وصديقة ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، وقد فعل ، فوعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدنيا والآخرة فقال { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة } قال ابن عباس والشعبي وقتادة المدينة ، وقيل الرزق الطيب ، قاله مجاهد ، ولا منافاة بين القولين ، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم ، فعوضهم الله خيراً منها في الدنيا ، فإن من ترك شيئاً لله ، عوضه الله بما هو خير له منه ، وكذلك وقع ، فإنهم مكن الله لهم في البلاد ، وحكمهم على رقاب العباد ، وصاروا أمراء حكاماً ، وكل منهم للمتقين إماماً ، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا ، فقال { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ } أي مما أعطيناهم في الدنيا { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر الله لمن أطاعه واتبع رسوله ، ولهذا قال هشيم عن العوام عمن حدثه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول خذ ، بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أفضل ، ثم قرأ هذه الآية { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } . ثم وصفهم تعالى فقال { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي صبروا على الأذى من قومهم ، متوكلين على الله الذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة .