Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 43-44)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الضحاك عن ابن عباس لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً ، أنكرت العرب ذلك ، أو من أنكر منهم ، وقالوا الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً ، فأنزل { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } يونس 2 الآية ، وقال { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِىۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } يعني أهل الكتب الماضية ، أبشراً كانت الرسل إليهم أم ملائكة ؟ فإن كانوا ملائكة ، أنكرتم ، وإن كانوا بشراً ، فلا تنكروا أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ، قال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِىۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } يوسف 109 ليسوا من أهل السماء كما قلتم ، وكذا روي عن مجاهد عن ابن عباس أن المراد بأهل الذكر أهل الكتاب ، وقاله مجاهد والأعمش ، وقول عبد الرحمن بن زيد الذكر القرآن ، واستشهد بقوله { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } الحجر 9 صحيح ، لكن ليس هو المراد ههنا ، لأن المخالف لا يرجع في إثباته بعد إنكاره إليه ، وكذا قول أبي جعفر الباقر نحن أهل الذكر ، ومراده أن هذه الأمة أهل الذكر ، صحيح فإن هذه الأمة أعلم من جميع الأمم السالفة . وعلماء أهل بيت رسول الله عليهم السلام والرحمة من خير العلماء إذا كانوا على السنة المستقيمة كعلي وابن عباس وابني علي الحسن والحسين ، ومحمد بن الحنفية وعلي بن الحسين زين العابدين ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، وأبي جعفر الباقر ، وهو محمد بن علي بن الحسين ، وجعفر ابنه ، وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم ممن هو متمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم ، وعرف لكل ذي حق حقه ، ونزل كل المنزل الذي أعطاه الله ورسوله ، واجتمعت عليه قلوب عباده المؤمنين ، والغرض أن هذه الآية الكريمة أخبرت بأن الرسل الماضين قبل محمد صلى الله عليه وسلمكانوا بشراً كما هو بشر كما قال تعالى { قُلْ سُبْحَـٰنَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } الإسراء 93 - 94 وقال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلأَسْوَاقِ } الفرقان 20 وقال تعالى { وَمَا جَعَلْنَـٰهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَـٰلِدِينَ } الأنبياء 8 وقال { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } الأحقاف 9 وقال تعالى { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ } الكهف 11 ثم أرشد الله تعالى من شك في كون الرسل كانوا بشراً إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدمة عن الأنبياء الذين سلفوا هل كان أنبياؤهم بشراً أو ملائكة ؟ ثم ذكر تعالى أنه أرسلهم { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي بالحجج والدلائل { وَٱلزُّبُرِ } وهي الكتب ، قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم ، والزبر جمع زبور ، تقول العرب زبرت الكتاب إذا كتبته . وقال تعالى { وَكُلُّ شَىْءٍ فَعَلُوهُ فِى ٱلزُّبُرِ } القمر 52 وقال { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّـٰلِحُونَ } الأنبياء 105 ثم قال تعالى { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } يعني القرآن { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل الله ، وحرصك عليه ، واتباعك له ، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق ، وسيد ولد آدم ، فتفصل لهم ما أجمل ، وتبين لهم ما أشكل { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي ينظرون لأنفسهم ، فيهتدون ، فيفوزون بالنجاة في الدارين .