Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 20-21)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى { كُلاًّ } أي كل واحد من الفريقين الذين أرادوا الدنيا ، والذين أرادوا الآخرة ، نمدهم فيما فيه { مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ } أي هو المتصرف الحاكم الذي لا يجور ، فيعطي كلاً ما يستحقه من السعادة والشقاوة ، فلا راد لحكمه ولا مانع لما أعطى ، ولا مغير لما أراد ، ولهذا قال { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } أي لا يمنعه أحد ، ولا يرده راد . قال قتادة { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } أي منقوصاً ، وقال الحسن وغيره أي ممنوعاً ، ثم قال تعالى { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي في الدنيا ، فمنهم الغني والفقير وبين ذلك ، والحسن والقبيح وبين ذلك ، ومن يموت صغيراً ، ومن يعمر حتى يبقى شيخاً كبيراً ، وبين ذلك { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } أي ولتفاوتهم في الدار الآخرة أكبر من الدنيا ، فإن منهم من يكون في الدركات في جهنم وسلاسلها وأغلالها ، ومنهم من يكون في الدرجات العليا ونعيمها وسرورها ، ثم أهل الدركات يتفاوتون في ما هم فيه ، كما أن أهل الدرجات يتفاوتون ، فإن الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض . وفي الصحيحين " إن أهل الدرجات العلى ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء " ولهذا قال تعالى { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } وفي الطبراني من رواية زاذان عن سلمان مرفوعاً " ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع ، إلا وضعه الله في الآخرة أكبر منها " ثم قرأ { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } .