Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 44-44)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن ، أي من المخلوفات ، وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون ، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته @ فَفي كُلِّ شَيْءٍ لهُ آيَةٌ تَدُلُّ على أَنَّهُ واحدُ @@ كما قال تعالى { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } مريم 90 - 91 وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرملة ، حدثنا عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى ، كان بين المقام وزمزم ، جبريل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فطارا حتى بلغ السموات السبع . فلما رجع قال " سمعت تسبيحاً في السموات العلى مع تسبيح كثير سبحت السموات العلى ، من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا ، سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى " . وقوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس ، لأنها بخلاف لغاتكم ، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات ، وهذا أشهر القولين ، كما ثبت في " صحيح البخاري " عن ابن مسعود أنه قال كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في يده حصيات ، فسمع لهن تسبيح كحنين النحل ، وكذا في يد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وهو حديث مشهور في المسانيد . وقال الإمام أحمد حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن ابن أنس ، عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل ، فقال لهم " اركبوها سالمة ، ودعوها سالمة ، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق ، فرب مركوبة خير من راكبها ، وأكثر ذكراً لله منه " . وفي " سنن النسائي " عن عبد الله بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع ، وقال " نقيقها تسبيح " وقال قتادة عن عبد الله بن أبي عن عبد الله بن عمرو أن الرجل إذا قال لا إله إلا الله ، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملاً حتى يقولها ، وإذا قال الحمد لله ، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها ، وإذا قال الله أكبر ، فهي تملأ ما بين السماء والأرض ، وإذا قال سبحان الله ، فهي صلاة الخلائق التي لم يدع الله أحداً من خلقه إلا قرره بالصلاة والتسبيح . وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال أسلم عبدي واستسلم . وقال الإمام أحمد حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، سمعت الصَّقْعَبَ بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي عليه جبة من طيالسة مكفوفة بديباج ، أو مزورة بديباج ، فقال إن صاحبكم هذا يريد أن يرفع كل راع ابن راع ، ويضع كل رأس ابن رأس ، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم مغضباً ، فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه فقال " لا أرى عليك ثياب من لا يعقل " ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ، فقال " إن نوحاً عليه السلام لما حضرته الوفاة ، دعا ابنيه فقال إني قاص عليكما الوصية آمركما باثنتين ، وأنهاكما عن اثنتين ، أنهاكما عن الشرك بالله والكبر ، وآمركما بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان ، ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى ، كانت أرجح ، ولو أن السموات والأرض كانتا حلقة ، فوضعت لا إله إلا الله عليهما ، لقصمتهما ، أو لفصمتهما ، وآمركما بسبحان الله وبحمده ، فإنها صلاة كل شيء ، وبها يرزق كل شيء " ورواه الإمام أحمد أيضاً عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن الصَّقْعَبَ بن زهير به أطول من هذا ، وتفرد به . وقال ابن جرير حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، حدثنا محمد بن يعلى عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه ؟ إن نوحاً عليه السلام قال لابنه يا بني آمرك أن تقول سبحان الله ، فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق ، وبها يزرق الخلق " قال الله تعالى { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } إسناده فيه ضعف ، فإن الربذي ضعيف عند الأكثرين . وقال عكرمة في قوله تعالى { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } قال الأسطوانة تسبح ، والشجرة تسبح - الأسطوانة السارية - وقال بعض السلف صرير الباب تسبيحه ، وخرير الماء تسبيحه ، قال الله تعالى { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال الطعام يسبح ، ويشهد لهذا القول آية السجدة في الحج ، وقال آخرون إنما يسبح ما كان فيه روح ، يعنون من حيوان ونبات . قال قتادة في قوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } قال كل شيء فيه روح يسبح من شجر أو شيء فيه ، وقال الحسن والضحاك في قوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } قالا كل شيء فيه الروح . وقال ابن جرير حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب ، قالا حدثنا جرير أبو الخطاب ، قال كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن ، في طعام ، فقدموا الخوان ، فقال يزيد الرقاشي يا أبا سعد يسبح هذا الخوان ؟ فقال كان يسبح مرة - قلت الخوان هو المائدة من الخشب - فكأن الحسن رحمه الله ، ذهب إلى أنه لما كان حياً فيه خضرة كان يسبح ، فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه ، وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، ثم غرز في كل قبر واحدة ، ثم قال " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " أخرجاه في " الصحيحين " ، قال بعض من تكلم على هذ الحديث من العلماء إنما قال ما لم ييبسا لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة ، فإذا يبسا انقطع تسبيحهما ، والله أعلم . وقوله { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } أي لا يعاجل من عصاه بالعقوبة ، بل يؤجله وينظره ، فإن استمر على كفره وعناده ، أخذه أخذ عزيز مقتدر ، كما جاء في " الصحيحين " " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } الآية هود 102 ، وقال تعالى { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } الآية الحج 48 ، وقال { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ } الآيتين الحج 45 ، ومن أقلع عما هو فيه من كفر أو عصيان ، ورجع إلى الله وتاب إليه تاب عليه ، كما قال تعالى { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } الآية النساء 110 ، وقال ههنا { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } كما قال في آخر فاطر { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } فاطر 41 إلى أن قال { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ } فاطر 45 إلى آخر السورة .