Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 45-46)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإذا قرأت يا محمد على هؤلاء المشركين القرآن ، جعلنا بينك وبينهم حجاباً مستوراً . قال قتادة وابن زيد هو الأكنة على قلوبهم ، كما قال تعالى { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } فصلت 5 أي مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شيء . وقوله { حِجَابًا مَّسْتُورًا } بمعنى ساتر كميمون ومشؤوم بمعنى يامن وشائم لأنه من يَمنهم وشأمَهم ، وقيل مستوراً عن الأبصار فلا تراه ، وهو مع ذلك حجاب بينهم وبين الهدى ، ومال إلى ترجيحه ابن جرير رحمه الله . وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير ، عن يزيد بن تدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها قالت لما نزلت { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } المسد 1 جاءت العوراء أم جميل ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر ، وهي تقول مذمماً أتينا - أو أبينا - ، قال أبو موسى الشك مني ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر إلى جنبه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك ، فقال " إنها لن تراني " وقرأ قرآناً اعتصم به منها { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا } قال فجاءت حتى قامت على أبي بكر ، فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني ، قال أبو بكر لا ورب هذا البيت ما هجاك ، قال فانصرفت وهي تقول لقد علمت قريش أني بنت سيدها . وقوله { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } وهي جمع كنان الذي يغشى القلب { أَن يَفْقَهُوهُ } أي لئلا يفهموا القرآن { وَفِىۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } وهو الثقل الذي منعهم من سماع القرآن سماعاً ينفعهم ويهتدون به . وقوله تعالى { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ } أي إذا وحدت الله في تلاوتك ، وقلت لا إله إلا الله ، { وَلَّوْا } أي أدبروا راجعين { عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ نُفُوراً } ونفور جمع نافر ، وكقعود جمع قاعد ، ويجوز أن يكون مصدراً من غير الفعل ، والله أعلم . كما قال تعالى { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } الآية الزمر 45 ، قال قتادة في قوله { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءَانِ } الآية إن المسلمين لما قالوا لا إله إلا الله ، أنكر ذلك المشركون ، وكبرت عليهم ، وضاقها إبليس وجنوده ، فأبى الله إلا أن يمضيها ويعليها وينصرها ويظهرها على من ناوأها ، إنها كلمة من خاصم بها فلج ، ومن قاتل بها نصر ، إنما يعرفها أهل هذه الجريزة من المسلمين التي يقطعها الراكب في ليال قلائل ، ويسير الدهر في فئام من الناس لا يعرفونها ، ولا يقرون بها . قول آخر في الآية روى ابن جرير حدثني الحسين بن محمد الذارع ، حدثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي ، وحدثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس في قوله { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ نُفُوراً } هم الشياطين ، وهذا غريب جداً في تفسيرها ، وإلا ، فالشياطين إذا قرىء القرآن أو نودي بالأذان أو ذكر الله ، انصرفوا .