Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال سنيد عن حماد بن زيد عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قال قال المشركون يا محمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبياء ، فمنهم من سخرت له الريح ، ومنهم من كان يحيي الموتى ، فإن سرك أن نؤمن بك ونصدقك ، فادع ربك أن يكون لنا الصفا ذهباً ، فأوحى الله إليه إني قد سمعت الذي قالوا ، فإن شئت أن نفعل الذي قالوا ، فإن لم يؤمنوا نزل العذاب ، فإنه ليس بعد نزول الآية مناظرة ، وإن شئت أن نستأني بقومك ، استأنيت بهم . قال " يا رب استأن بهم " وكذا قال قتادة وابن جريج وغيرهما ، وروى الإمام أحمد حدثنا عثمان بن محمد ، حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا ، فقيل له إن شئت أن نستأني بهم ، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا ، فإن كفروا هلكوا ، كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم . وقال " لا ، بل استأن بهم " وأنزل الله تعالى { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَـٰتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } الآية ، ورواه النسائي وابن جرير به . وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عمران بن حكيم ، عن ابن عباس ، قال قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً ونؤمن بك . قال " وتفعلون ؟ " قالوا نعم . قال فدعا ، فأتاه جبريل فقال إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً ، فمن كفر منهم بعد ذلك ، عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة ، فقال " بل باب التوبة والرحمة " . وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده حدثنا محمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري ، حدثنا خلف بن تميم المصيصي عن عبد الجبار بن عمر الأبلي ، عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم عن جدته أم عطاء مولاة الزبير بن العوام قالت سمعت الزبير يقول لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } الشعراء 214 صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس " يا آل عبد مناف إني نذير " فجاءته قريش ، فحذرهم وأنذرهم ، فقالوا تزعم أنك نبي يوحى إليك ، وإن سليمان سخر له الريح والجبال ، وإن موسى سخر له البحر ، وإن عيسى كان يحيي الموتى ، فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ، ويفجر لنا الأرض أنهاراً ، فنتخذها محارث ، فنزرع ونأكل ، وإلا فادع الله أن يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا ، وإلا فادع الله أن يصيِّر لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهباً ، فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف ، فإنك تزعم أنك كهيئتهم . وقال فبينا نحن حوله ، إذ نزل عليه الوحي ، فلما سرِّي عنه ، قال " والذي نفسي بيده ، لقد أعطاني ما سألتم ، ولو شئت لكان ، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة ، فيؤمن مؤمنكم ، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم ، فتضلوا عن باب الرحمة ، فلا يؤمن منكم أحد ، فاخترت باب الرحمة ، فيؤمن مؤمنكم ، وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ، ثم كفرتم ، أن يعذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين " ونزلت { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَـٰتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } وقرأ ثلاث آيات ، ونزلت { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ } الآية الرعد 31 . ولهذا قال تعالى { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلأَيَـٰتِ } أي نبعث الآيات ، ونأتي بها على ما سأل قومك منك فإنه سهل علينا ، يسير لدينا ، إلا أنه قد كذب بها الأولون بعد ما سألوها ، وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم لا يؤخرون إن كذبوا بها بعد نزولها ، كما قال الله تعالى في المائدة { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّىۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ } المائدة 115 وقال تعالى عن ثمود حين سألوا آية ناقة تخرج من صخرة عينوها ، فدعا صالح عليه السلام ربه ، فأخرج لهم منها ناقة على ما سألوه ، فلما ظلموا بها ، أي كفروا بمن خلقها ، وكذبوا رسوله ، وعقروها ، فقال { تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } هود 65 . ولهذا قال تعالى { وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا } أي دالة على وحدانية من خلقها ، وصدق رسوله الذي أجيب دعاؤه فيها { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي كفروا بها ، ومنعوها شربها ، وقتلوها ، فأبادهم الله عن آخرهم ، وانتقم منهم ، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر . وقوله تعالى { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلأَيَـٰتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا } قال قتادة إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون ، ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه ، فقال يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه ، وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرات ، فقال عمر أحدثتم ، والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن . وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده ، فإذا رأيتم ذلك ، فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره - ثم قال - يا أمة محمد والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " .