Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-20)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى كما أرقدناهم ، بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبشارهم ، لم يفقدوا من أحوالهم وهيآتهم شيئاً ، وذلك بعد ثلثمائة سنة وتسع سنين ، ولهذا تساءلوا بينهم { كَم لَبِثْتُمْ } أي كم رقدتم ؟ { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } لأنه كان دخولهم إلى الكهف في أول نهار ، واستيقاظهم كان في آخر نهار ، ولهذا استدركوا فقالوا { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } أي الله أعلم بأمركم ، وكأنه حصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم ، فالله أعلم ، ثم عدلوا إلى الأهم في أمرهم إذ ذاك ، وهو احتياجهم إلى الطعام والشراب ، فقالوا { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ } أي فضتكم هذه ، وذلك أنهم كانوا قد استصحبوا معهم دراهم من منازلهم لحاجتهم إليها ، فتصدقوا منها ، وبقي منها ، فلهذا قالوا { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } أي مدينتكم التي خرجتم منها ، والألف واللام للعهد { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا } أي أطيب طعاماً كقوله { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً } النور 21 وقوله { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } الأعلى 14 ومنه الزكاة التي تطيب المال وتطهره ، وقيل أكثر طعاماً ، ومنه زكا الزرع ، إذا كثر ، قال الشاعر @ قَبائِلُنا سَبْعٌ وأَنْتُمْ ثَلاثَة ولَلسَّبْعُ أَزْكَى من ثَلاثٍ وأَطْيَبُ @@ والصحيح الأول لأن مقصودهم إنما هو الطيب الحلال ، سواء كان كثيراً أو قليلاً . وقوله { وَلْيَتَلَطَّفْ } أي في خروجه وذهابه وشرائه وإيابه ، يقولون وليختف كل ما يقدر عليه { وَلاَ يُشْعِرَنَّ } أي ولا يعلمن { بِكُمْ أَحَدًا إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ } أي إن علموا بمكانكم { يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } يعنون أصحاب دقيانوس ، يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم ، فلا يزالون يعذبونهم بأنواع العذاب إلى أن يعيدوهم في ملتهم التي هم عليها ، أو يموتوا ، وإن وافقتموهم على العود في الدين ، فلا فلاح لكم في الدنيا ولا في الآخرة ، ولهذا قال { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذًا أَبَدًا } .