Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 21-21)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي أطلعنا عليهم الناس { لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا } ذكر غير واحد من السلف أنه كان قد حصل لأهل ذلك الزمان شك في البعث ، وفي أمر القيامة . وقال عكرمة كان منهم طائفة قد قالوا تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد ، فبعث الله أهل الكهف حجة ودلالة وآية على ذلك ، وذكروا أنه لما أراد أحدهم الخروج ليذهب إلى المدينة في شراء شيء لهم ليأكلوه ، تنكر وخرج يمشي في غير الجادة حتى انتهى إلى المدينة ، وذكروا أن اسمها دقسوس ، وهو يظن أنه قريب العهد بها ، وكان الناس قد تبدلوا قرناً بعد قرن ، وجيلاً بعد جيل ، وأمة بعد أمة ، وتغيرت البلاد ومن عليها ، كما قال الشاعر @ أَمَّا الدِّيارُ فَإِنَّها كَدِيارِهِمْ وأَرى رِجالَ الحَيِّ غَيْرَ رِجالِهِ @@ فجعل لا يرى شيئاً من معالم البلد التي يعرفها ، ولا يعرف أحداً من أهلها لا خواصها ، ولا عوامها ، فجعل يتحير في نفسه ، ويقول لعل بي جنوناً أو مساً أو أنا حالم ، ويقول والله ما بي شيء من ذلك ، وإن عهدي بهذه البلدة عشية أمس على غير هذه الصفة . ثم قال إن تعجيل الخروج من ههنا لأولى لي ، ثم عمد إلى رجل ممن يبيع الطعام ، فدفع إليه ما معه من النفقة ، وسأله أن يبيعه بها طعاماً ، فلما رآها ذلك الرجل ، أنكرها ، وأنكر ضربها ، فدفعها إلى جاره ، وجعلوا يتداولونها بينهم ، ويقولون لعل هذا وجد كنزاً ، فسألوه عن أمره ، ومن أين له هذه النفقة ، لعله وجدها من كنز ، وممن أنت ؟ فجعل يقول أنا من أهل هذه البلدة ، وعهدي بها عشية أمس ، وفيها دقيانوس ، فنسبوه إلى الجنون ، فحملوه إلى ولي أمرهم ، فسأله عن شأنه وخبره حتى أخبرهم بأمره ، وهو متحير في حاله وما هو فيه ، فلما أعلمهم بذلك ، قاموا معه إلى الكهف - ملك البلد وأهلها - حتى انتهى بهم إلى الكهف ، فقال لهم دعوني حتى أتقدمكم في الدخول لأعلم أصحابي ، فدخل ، فيقال إنهم لا يدرون كيف ذهب فيه ، وأخفى الله عليهم خبرهم ، ويقال بل دخلوا عليهم ، ورأوهم ، وسلم عليهم الملك ، واعتنقهم ، وكان مسلماً فيما قيل ، واسمه ثيدوسيس ، ففرحوا به ، وآنسوه بالكلام ، ثم ودعوه وسلموا عليه ، وعادوا إلى مضاجعهم ، وتوفاهم الله عز وجل ، فالله أعلم . قال قتادة غزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة ، فمروا بكهف في بلاد الروم ، فرأوا فيه عظاماً ، فقال قائل هذه عظام أهل الكهف ، فقال ابن عباس لقد بليت عظامهم من أكثر من ثلثمائة سنة ، ورواه ابن جرير ، وقوله { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي كما أرقدناهم وأيقظناهم بهيآتهم ، أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان { لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَـٰزَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } أي في أمر القيامة ، فمن مثبت لها ، ومن منكر ، فجعل الله ظهورهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم { فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَـٰنًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } أي سدوا عليهم باب كهفهم ، وذروهم على حالهم { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا } حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين أحدهما أنهم المسلمون منهم . والثاني أهل الشرك منهم ، فالله أعلم ، والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ ، ولكن هل هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " يحذر ما فعلوا ، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق ، أمر أن يخفى عن الناس ، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده ، فيها شيء من الملاحم وغيرها .