Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 66-70)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن قيل موسى عليه السلام لذلك الرجل العالم ، وهو الخضر ، الذي خصّه الله بعلم لم يطلع عليه موسى ، كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ } سؤال تلطف لا على وجه الإلزام والإجبار ، وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم . وقوله { أَتَّبِعُكَ } أي أصحبك وأرافقك { عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } أي مما علمك الله شيئاً أسترشد به في أمري من علم نافع وعمل صالح ، فعندها { قَالَ } الخضر لموسى { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } أي إنك لا تقدر على مصاحبتي لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك لأني على علم من علم الله ما علمكه الله ، وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله ، فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه ، وأنت لا تقدر على صحبتي { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } فأنا أعرف أنك ستنكر علي ما أنت معذور فيه ، ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك { قَالَ } أي موسى { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا } أي على ما أرى من أمورك { وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } أي ولا أخالفك في شيء فعند ذلك شارطه الخضر عليه السلام { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ } أي ابتداءً { حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } أي حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني . قال ابن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب عن هارون بن عنترة عن أبيه ، عن ابن عباس قال سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال الذي يذكرني ولا ينساني . قال فأي عبادك أقضى ؟ قال الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال أي رب أي عبادك أعلم ؟ قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى ، أو ترده عن ردى ، قال أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني ؟ قال نعم ، قال فمن هو ؟ قال الخضر . قال وأين أطلبه ؟ قال على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت . قال فخرج موسى يطلبه ، حتى كان ما ذكر الله ، وانتهى موسى إليه عند الصخرة ، فسلم كل واحد منهما على صاحبه ، فقال له موسى إني أحب أن أصحبك ، قال إنك لن تطيق صحبتي قال بلى . قال فإن صحبتني { فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } قال فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحرين ، وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه ، قال وبعث الله الخطاف ، فجعل يستقي منه بمنقاره ، فقال لموسى كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال ما أقل ما رزأ قال يا موسى ، فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء ، وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، أو تكلم به ، فمن ثم أمر أن يأتي الخضر ، وذكر تمام الحديث في خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإصلاح الجدار ، وتفسيره له ذلك .