Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 85-88)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عباس { فَأَتْبَعَ سَبَباً } يعني بالسبب المنزل ، وقال مجاهد { فَأَتْبَعَ سَبَباً } منزلاً وطريقاً ما بين المشرق والمغرب ، وفي رواية عن مجاهد { سَبَباً } قال طرفي في الأرض . وقال قتادة أي اتبع منازل الأرض ومعالمها ، وقال الضحاك { فَأَتْبَعَ سَبَباً } أي المنازل ، وقال سعيد بن جبير في قوله { فَأَتْبَعَ سَبَباً } قال علماً ، وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى والسدي ، وقال مطر معالم وآثار كانت قبل ذلك . وقوله { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ } أي فسلك طريقاً حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض ، وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر ، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة ، والشمس تغرب من ورائه ، فشيء لا حقيقة له ، وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب ، واختلاق زنادقتهم وكذبهم ، وقوله { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه ، والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين من الحمأة ، وهو الطين ، كما قال تعالى { إِنِّي خَـٰلِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَـٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } الحجر 28 أي طين أملس ، وقد تقدم بيانه . وقال ابن جرير حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أنبأنا نافع بن أبي نعيم ، سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول كان ابن عباس يقول { في عين حمأة } ، ثم فسرها ذات حمئة ، قال نافع وسئل عنها كعب الأحبار ، فقال أنتم أعلم بالقرآن مني ، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء ، وكذا روى غير واحد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد وغير واحد . وقال أبو داود الطيالسي حدثنا محمد بن دينار عن سعد بن أوس عن مصدع ، عن ابن عباس عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه { حَمِئَة } . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وجدها تغرب في عين حامية ، يعني حارة ، وكذا قال الحسن البصري . وقال ابن جرير والصواب أنهما قراءتان مشهورتان ، وأيهما قرأ القارىء فهو مصيب ، قلت ولا منافاة بين معنييهما إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها ، وملاقاتها الشعاع بلا حائل ، وحمئة في ماء وطين أسود ، كما قال كعب الأحبار وغيره . وقال ابن جرير حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرناالعوام ، حدثني مولى لعبد الله بن عمرو عن عبد الله قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال " في نار الله الحامية ، لولا ما يزعها من أمر الله ، لأحرقت ما على الأرض " قلت ورواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون ، وفي صحة رفع هذا الحديث نظر ، ولعله من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك ، والله أعلم ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة ، حدثنا محمد ، يعني ابن بشر ، حدثنا عمرو بن ميمون ، أنبأنا ابن حاضر أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف { تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ } قال ابن عباس لمعاوية ما نقرؤها إلا حمئة ، فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف تقرؤها ؟ فقال عبد الله كما قرأتها ، قال ابن عباس فقلت لمعاوية في بيتي نزل القرآن ، فأرسل إلى كعب ، فقال له أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ فقال له كعب سل أهل العربية فإنهم أعلم بها ، وأما أنا ، فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين ، وأشار بيده إلى المغرب . قال ابن حاضر لو أني عندك ، أفدتك بكلام تزداد فيه بصيرة في حمئة ، قال ابن عباس وإذاً ما هو ؟ قلت فيما يؤثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في تخلقه بالعلم واتباعه إياه @ بَلَغَ المَشارِقَ والمَغارِبَ يَبْتَغِي أَسْبابَ أَمْرٍ منْ حَكيمٍ مُرْشِدِ فَرَأَى مَغِيْبَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُروبِها في عَيْنِ ذي خَلَبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ @@ فقال ابن عباس ما الخلب ؟ قلت الطين بكلامهم ، قال فما الثاط ؟ قلت الحمأة ، قال فما الحرمد ؟ قلت الأسود ، قال فدعا ابن عباس رجلاً أو غلاماً ، فقال اكتب ما يقول هذا الرجل . وقال سعيد بن جبير بينا ابن عباس يقرأ سورة الكهف ، فقرأ { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قال كعب والذي نفس كعب بيده ما سمعت أحداً يقرؤها كما أنزلت في التوراة غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في مدرة سوداء ، وقال أبو يعلى الموصلي حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا هشام بن يوسف قال في تفسير ابن جريج { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً } قال مدينة لها اثنا عشر ألف باب ، لولا أصوات أهلها ، لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب . وقوله { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً } أي أمّة من الأمم ، ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم . وقوله { قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } معنى هذا أن الله تعالى مكنه منهم ، وحكمه فيهم ، وأظفره بهم ، وخيّره إن شاء قتل وسبى ، وإن شاء منّ أو فدى ، فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه في قوله { أَمَّا مَن ظَلَمَ } أي استمر على كفره وشركه بربه { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } قال قتادة بالقتل . وقال السدي كان يحمي لهم بقر النحاس ، ويضعهم فيها حتى يذوبوا . وقال وهب بن منبه كان يسلط الظلمة ، فتدخل أجوافهم وبيوتهم ، وتغشاهم من جميع جهاتهم ، والله أعلم . وقوله { ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً } أي شديداً بليغاً وجيعاً أليماً . وفي هذا إثبات المعاد والجزاء . وقوله { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ } أي تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ، { فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ } أي في الدار الآخرة عند الله عز وجل { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } قال مجاهد معروفاً .