Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 24-26)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ بعضهم { مَنْ تحتَها } بمعنى الذي تحتها ، وقرأ الآخرون { مِن تَحْتِهَا } على أنه حرف جر ، واختلف المفسرون في المراد بذلك من هو ؟ فقال العوفي وغيره عن ابن عباس { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } جبريل ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها ، وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وعمرو بن ميمون والسدي وقتادة إنه الملك جبرائيل عليه الصلاة والسلام ، أي ناداها من أسفل الوادي . وقال مجاهد { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } قال عيسى بن مريم ، وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قال الحسن هو ابنها ، وهو إحدى الروايتين عن سعيد بن جبير أنه ابنها ، قال أولم تسمع الله يقول { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } واختاره ابن زيد وابن جرير في تفسيره . وقوله { أَلاَّ تَحْزَنِي } أي ناداها قائلاً لا تحزني { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } قال سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } قال الجدول ، وكذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس السري النهر ، وبه قال عمرو بن ميمون نهر تشرب منه . وقال مجاهد هو النهر بالسريانية . وقال سعيد بن جبير السري النهر الصغير بالنبطية . وقال الضحاك هو النهر الصغير بالسريانية . وقال إبراهيم النخعي هو النهر الصغير . وقال قتادة هو الجدول بلغة أهل الحجاز ، وقال وهب بن منبه السري هو ربيع الماء . وقال السدي هو النهر ، واختار هذا القول ابن جرير . وقد ورد في ذلك حديث مرفوع ، فقال الطبراني حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا يحيى بن عبد الله البَابلُتِّي ، حدثنا أيوب بن نهيك ، سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن السري الذي قال الله لمريم { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } نهر أخرجه الله لتشرب منه " وهذا حديث غريب جداً من هذا الوجه . وأيوب بن نهيك هذا هو الحلبي ، قال فيه أبو حاتم الرازي ضعيف . وقال أبو زرعة منكر الحديث . وقال أبو الفتح الأزدي متروك الحديث . وقال آخرون المراد بالسري عيسى عليه السلام ، وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عباد بن جعفر ، وهو إحدى الروايتين عن قتادة ، وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، والقول الأول أظهر . ولهذا قال بعده { وَهُزِّيۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } أي وخذي إليك بجذع النخلة . قيل كانت يابسة ، قاله ابن عباس . وقيل مثمرة ، قال مجاهد كانت عجوة . وقال الثوري عن أبي داود نفيع الأعمى كانت صرفانة ، والظاهر أنها كانت شجرة ، ولكن لم تكن في إبان ثمرها ، قاله وهب بن منبه ، ولهذا امتن عليها بذلك بأن جعل عندها طعاماً وشراباً فقال { تُسَـٰقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً } أي طيبي نفساً ، ولهذا قال عمرو بن ميمون ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة . وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم ، عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران " هذا حديث منكر جداً ، ورواه أبو يعلى عن شيبان به . وقرأ بعضهم { تُسَّـقِطْ } بتشديد السين ، وآخرون بتخفيفها . وقرأ أبو نهيك { تُسْقط عليك رطباً جنياً } وروى أبو إسحاق عن البراء أنه قرأها { يَسَّاقَطْ } أي الجذع ، والكل متقارب . وقوله { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً } أي مهما رأيت من أحد { فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك ، لا أن المراد به القول اللفظي لئلا ينافي { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } قال أنس بن مالك في قوله { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } قال صمتاً ، وكذا قال ابن عباس والضحاك ، وفي رواية عن أنس صوماً وصمتاً ، وكذا قال قتادة وغيرهما ، والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم ، يحرم عليهم الطعام والكلام ، نص على ذلك السدي وقتادة وعبد الرحمن بن زيد . وقال أبو إسحاق عن حارثة قال كنت عند ابن مسعود ، فجاء رجلان ، فسلم أحدهما ، ولم يسلم الآخر ، فقال ما شأنك ؟ قال أصحابه حلف أن لا يكلم الناس اليوم ، فقال عبد الله بن مسعود كلم الناس وسلم عليهم ، فإن تلك امرأة علمت أن أحداً لا يصدقها أنها حملت من غير زوج ، يعني بذلك مريم عليها السلام ليكون عذراً لها إذا سئلت . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير رحمها الله . وقال عبد الرحمن بن زيد لما قال عيسى لمريم { أَلاَّ تَحْزَنِي } قالت وكيف لا أحزن وأنت معي ، لا ذات زوج ولا مملوكة ؟ أي شيء عذري عند الناس ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً ، قال لها عيسى أنا أكفيك الكلام { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } قال هذا كله من كلام عيسى لأمه ، وكذا قال وهب .