Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 73-74)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن الكفار حين تتلى عليهم آيات الله ظاهرة الدلالة بينة الحجة واضحة البرهان أنهم يصدون ويعرضون عن ذلك ، ويقولون عن الذين آمنوا مفتخرين عليهم ، ومحتجين على صحة ما هم عليه من الدين الباطل بأنهم { خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } أي أحسن منازل ، وأرفع دوراً ، وأحسن ندياً ، وهو مجتمع الرجال للحديث ، أي ناديهم أعمر وأكثر وارداً وطارقاً ، يعنون فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطل ، وأولئك الذين هم مختفون مستترون في دار الأرقم بن أبي الأرقم ونحوها من الدور على الحق ؟ كما قال تعالى مخبراً عنهم { ٱوَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } الأحقاف 11 وقال قوم نوح { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ } الشعراء 111 وقال تعالى { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ } الأنعام 53 ولهذا قال تعالى راداً على شبهتهم { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } أي وكم من أمة وقرن من المكذبين قد أهلكناهم بكفرهم { هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } أي كانوا أحسن من هؤلاء أموالاً ومناظر وأشكالاً وأمتعة . قال الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس { خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } قال المقام المنزل ، والندي المجلس ، والأثاث المتاع ، والرئي المنظر ، وقال العوفي عن ابن عباس المقام المسكن ، والندي المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها ، وهو كما قال الله لقوم فرعون حين أهلكهم وقص شأنهم في القرآن { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } الدخان 25 - 26 فالمقام المسكن والنعيم ، والندي المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيه ، وقال تعالى فيما قص على رسوله من أمر قوم لوط { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } العنكبوت 29 والعرب تسمي المجلس النادي ، وقال قتادة لما رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيشهم خشونة ، وفيهم قشافة ، فعرض أهل الشرك ما تسمعون { أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } وكذا قال مجاهد والضحاك . ومنهم من قال في الأثاث هو المال ، ومنهم من قال الثياب ، ومنهم من قال المتاع ، والرئي المنظر كما قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد ، وقال الحسن البصري يعني الصور . وكذا قال مالك { أَثَاثاً وَرِءْياً } أكثر أموالاً ، وأحسن صوراً ، والكل متقارب صحيح .